للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد أنه لا يتكلف أن يجمع كفه فيشتمل على الرمح، لكن يطعن به خلسًا بأصابعه لخفة ذلك عليه، وقوله (واللبد لا أتبع تزواله): أي إذا مال لا أميل (١) معه يقول: أنا ثابت على ظهر الخيل لا يضرني فَقْدُ بعض الآلة ولا تغير السرج عما يريده الراكب، يصف نفسه بالفروسية: الركوب والطعن (٢)، فلما كانت السماوات والأرض أعظم الموجودات قدرًا وأكبرها خلقًا كان إمساكها بالنسبة إلى الله تعالى كالشيء الحقير الذي نجعله نحن بين أصابعنا، ونهزه بأيدينا، ونتصرف فيه كيف شئنا، فتكون الإشارة بقوله: "ثم يقبض أصابعه ويبسطها"، وبقوله: "ثم يهزهن" كما جاء في بعض طرق مسلم (٣) وغيره (٤)، أي هي في قدرته كالحبة مثلًا في كف (٥) أحدنا الذي (٦) لا يبالي بإمساكها ولا بهزها ولا بتحريكها ولا القبض والبسط عليها، ولا يجد في ذلك صعوبة ولا مشقة، وقد تكون الإصبع أيضًا في كلام العرب بمعنى النعمة وهو المراد بقوله : "إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن"، أي بين نعمتين من نِعَم الرحمن، يقال: لفلان علي إصبع أي أثر حسن إذا أنعم عليه نعمة حسنة، وللراعي (٧) على ماشيته إصبع، أي أثر حسن، وأنشد الأصمعي للراعي (٨):

ضعيف العصا بادي العروق يرى له … عليها إذا ما أجدب الناس إصبعًا (٩)

أي أثر حسن.


(١) في (ع، ظ): لم أمل.
(٢) في (ع): في الركوب والطعن، وعلى ما في الأصل و (ظ) تكون عبارة: الركوب والطعن، بيانية.
(٣) في الصحيح ٤/ ٢١٤٧، ح ٢٧٢٦.
(٤) وأخرجه البخاري في الصحيح ٦/ ٢٧٢٩، ح ٧٠٧٥.
(٥) في (ع): أكف.
(٦) في (ع، ظ): التي.
(٧) في (الأصل) و (ظ): الراعي، وتصويبه من (ع).
(٨) عبيد بن حصين النُميري، أبو جندل، الشاعر، سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٩٧.
(٩) ذكره الجاحظ في البيان والتبيين ١/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>