للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في رؤية الله يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا (١) من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغير أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فما ذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا، فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى النار، كأنها سراب يحطم بعضها بعضًا، فيتساقطون في النار.

ثم تدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا، قال: فيشار إليهم ألا تردون، فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضًا، فيتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها، قال: فماذا تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما (٢) كانت تعبد، قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نشرك بالله شيئًا مرتين أو ثلاثًا، حتى أن بعضهم (٣) ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء أو رياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في الصورة التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة، ويقولون: اللهم سلم، سلم، وذكر الحديث، وسيأتي تمامه إن شاء الله تعالى.


(١) في (ع): حتى لا يبقى إلا.
(٢) (ما): ساقطة من (ظ).
(٣) في (ع): أحدهم، وفي (ظ): أحدكم، والأصل يتوافق مع (م) وصحيح مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>