فيهما الحديث دون مقابلة النصوص التي في كتاب التذكرة بما في تلك المصادر التي نُقلت منها، ومثل تلك المقابلات لها فوائد منها:
١ - تبين دقة المؤلف في نقله في مصادره.
٢ - تقوي من احتمال صحة المتن الموجود في الأصل إن كان موافقًا لمصدره، أو تقوي صحة ما في النسخ الأخرى إن كانت متوافقة أو بعضها مع مصدر المؤلف، مثال ذلك: جاء في متن المؤلف في نسخة الأصل الجملة التالية: "فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر: مرحبًا وأهلًا أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري فإذا وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنيعي بك، قال: فيتسع له مد بصره"، فكلمة:"قال" ليست في نسخة (ع) ونسخة (ظ)، والنسخة التي اتخذها أصلًا متوافقة مع سنن الترمذي أي أن كلمة (قال) كما هي موجودة في النسخة الأصل فهي أيضًا في سنن الترمذي وهو مصدر المؤلف.
وفي نفس النص السابق جاء ما يلي:"فإذا وليتك اليوم فصرت إليّ فسترى صنيعي"، وجاء في نسخة (ع) ونسخة (ظ) وسنن الترمذي: (وصرت) بدلًا من (فصرت) التي جاءت في الأصل، بل جاءت زيادة في سنن الترمذي لا توجد في جميع النسخ سواء الأصل أو نسخ المقابلة، فالذي في النسخ الخطية ما يلي:(قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب) وجاء في سنن الترمذي زيادة (هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه)، فعلى فرض أن المصنف ذكر حكم الترمذي مختصرًا، فإن إثبات تلك الزيادة كفرق مهمة؛ لأن الإمام الترمذي ﵀ لو لم ير فائدتها لاكتفى في الحكم على ما اكتفى به المصنف.
٣ - تَحِلُّ مقابلة النصوص التي في متن المصنف مع مصادرها بعض الإشكالات، فعلى سبيل المثال: جاء في متن كتاب التذكرة في جميع نسخ الكتاب الخطية التي اعتمدتها ما يلي: "مسلمٌ عن عائشةَ ﵂ قالت: قلت يا رسول الله (١): كيفَ أقولُ إذا دخلت المقابر؟ قال: "قُولِي السلامُ على أهلِ
(١) تأخر عبارة (يا رسول الله) في صحيح مسلم إلى ما بعد كلمة: لهم.