للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مؤمن ومؤمنة" كما في صحيح البخاري (١)، فإنه يتعالى عن التبعيض والأعضاء، وأن ينكشف ويتغطى، ومعناه: أن يكشف عن العظيم من أمره (٢).


(١) ٤/ ١٨٧١، ح ٤٦٣٥.
(٢) سلك المصنف في نفي صفة الساق مسلك الأشاعرة في تشبيه صفات الله تعالى أولًا بصفات خلقه ثم تأويلها ثانيًا، حيث لم يفهم منهم الأشاعرة غير ما ذكر المصنف في هذه الصفة أو غيرها من الصفات الخبرية الذاتية كالوجه واليدين، والقاعدة عند السلف رحمهم الله تعالى في مثل هذه الصفات إثباتها الله تعالى على الوجه اللائق به ، ولا يلزم من ذلك أن تكون كما حكاه المصنف أبعاضًا؛ لأنه لا يعلم كنه هذه الصفات إلا الله تعالى، فلا نتجرأ وننفي عن الله تعالى ما أثبته لنفسه بغير علم، ولا نشبه صفاته بصفات خلقه، بل نثبتها كما أثبتها سبحانه لنفسه أو أثبتها له رسوله على مراد الله تعالى ومراد رسوله . أما صفة الساق على وجه الخصوص فلم ترد في القرآن إلا في موضع واحد هو قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾، وما ذكره المصنف من قول ابن عباس وغيره في تفسيرها بالشدة يرجع إلى تنكير كلمة (ساق) دون أن تضاف إلى الله تعالى بخلاف الصفات الأخرى التي جاءت مضافة إلى الله تعالى ومختصة به، فهذا التنكير هو الذي جعل الصحابة والتابعين يختلفون في المراد بالساق هل هو صفة من صفات الله تعالى كالوجه واليدين أم لها معنى آخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث، ووقفت على ما شاء الله من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحدٍ من الصحابة أنه تأول شيئًا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم تقرير ذلك وتثبيته،. . وتمام هذا أني لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾، فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد الشدة في الآخرة، وعن أبي سعيد - الخدري - وطائفة أنهم عدوها في الصفات للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين، ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر" مجموع الفتاوى ٦/ ٣٩٤ - ٣٩٥.
وقد جاء الدليل الآخر وهو حديث أبي سعيد الخدري .
قال ابن القيم: "والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن إنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه: "فيكشف الرب عن ساقه" الحديث، ومن حمل الآية على ذلك قال قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ مطابقًا لقوله : "فيكشف عن ساقه" وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساقٍ عظيمة، قالوا: وحمل الآية على الشدة لا يصح=

<<  <  ج: ص:  >  >>