للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيغضب الله تعالى عند ذلك غضبًا لم يغضب في شيء فيما مضى، ولا يغضب من شيء فيما بقي، فيخرج أهل التوحيد منها إلى عين بين الجنة والصراط، يقال له: نهر الحياة، فيرش عليهم [من] (١) الماء فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فما يلي الظل منها أخضر وما يلي الشمس منها أصفر، ثم يدخلون الجنة، فيكتب في (٢) جباههم عتقاء الله من النار إلا رجلًا واحدًا يمكث فيها ألف سنة ثم ينادي يا حنان يا منان، فيبعث الله ملكًا فيخوض في النار في طلبه سبعين عامًا لا يقدر عليه، ثم يرجع فيقول: إنك أمرتني أن أخرج عبدك فلانًا من النار وإني طلبته في النار منذ سبعين سنة فلم أقدر عليه، فيقول الله تعالى: انطلق فهو في وادي كذا تحت صخرة، فأخرجه، فيذهب فيخرجه منها، فيدخله الجنة، ثم إن الجهنميين يطلبون إلى الله ﷿ أن يمحا عنهم ذلك الاسم فيبعث الله ملكًا فيمحاه عن جباههم، ثم إنه يقال لأهل الجنة ومن دخلها من الجهنميين: اطلعوا إلى أهل النار فيطلعون إليهم، فيرى الرجل أباه، ويرى جاره، ويرى صديقه، ويرى العبد مولاه، ثم إن الله تعالى يبعث إليهم ملائكة بأطباق من نار، ومسامير من نار، وعمد من نار، فيطبق عليهم بتلك الأطباق، وتشد تلك المسامير وتمد بتلك العمد فلا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح (٣) ولا يخرج منه غم، وينساهم الرحمن على عرشه ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم ولا يستغيثون بعدها أبدًا وينقطع الكلام فيكون كلامهم زفير وشهيق، فذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)﴾، وقال عبد الله بن مسعود في عمد أي بعمد، وكذا في مصحفه: إنها عليهم موصدة بعمدٍ (٤).

وذكر أبو نعيم الحافظ (٥) عن زاذان قال: سمعت كعب الأحبار يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد [واحد] (٦)، فنزلت


(١) ما بين المعقوفتين من (ع) ظ).
(٢) في (ظ) على.
(٣) في (ظ): ريح.
(٤) الطبري في تفسيره ٣٠/ ٢٩٥.
(٥) في الحلية ٥/ ٣٧٣ - ٣٧٤.
(٦) ما بين المعقوفتين من (ع، ظ، الحلية).

<<  <  ج: ص:  >  >>