وسيرد في الحديث بعده. وللقسم الأول- يعني كلام الجنازة- شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، سلف برقم (١١٣٧٢) بلفظ: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق". وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وللقسم الثاني شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (٤٤٨٥) ولفظه: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تُصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: (آمنَّا بالله وما أنزل ... ) الآية [البقرة: ١٣٦] ". قال السندي: قوله: فلا تصدقوهم، أي: لا عبرة بأخبارهم لفسقهم بل كفرهم، نبقي ما أخبروا به على الشك والاحتمال، فلا يستحق التصديق ولا التكذيب. قلنا: إن أخبار أهل الكتاب هي على ثلاثة أقسام: أحدها: ما علمنا صحتَه مما بأيدينا مما يَشْهدُ له بالصدقِ، فذاك صحيح. والثاني: ما علما كذبه بما عندنا مما يُخالفه. والثالث: ما هو مسكوت عنه، لا من هذا القبيل، ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به، ولا نكذبه، وتجوز حكايته، لما أخرج البخاري في "صحيحه" برقم (٣٤٦١) : أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "بلغوا عني ولو آيةً، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعدَه مِن النار". قال الحافظ ابن كثير: وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني،=