وأخرج عبد الرزاق (١١٣٣٤) ، ومن طريقه أبو داود (٢١٩٦) عن ابن جريج، قال: أخبرني بعض بني أبي رافع مولى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: طلق عبدُ يزيد -أبو رُكانة وإخوته- أم ركانة، ونكح امرأة من مزينة ... فذكر الحديث، وقال: ثم قال: "راجع امرأتك أم ركانةَ وإخوته" قال: إني طلقتُها ثلاثاً يا رسول الله. قال: "قد علمت، راجعها" وتلا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) . قال الخطابي في "معالم السنن" ٣/٢٣٦: في إسناد هذا الحديث مقال، لأن ابن جريج إنما رواه عن بعض بني أبي رافع ولم يُسمه، والمجهولُ لا تقومُ به الحجة. وقد روى أبو داود هذا الحديث [برقم ٢٢٠٦] بإسناد أجود منه: أن رُكانة طَلق امرأته البتة، فأخبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، فقال له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما أردتَ إلا واحدة؟ " فقال ركانة: والله ما أردتُ إلا واحدةً. فردها إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان. قال أبو داود: حدثنا ابن السرْح وإبراهيم بن خالد الكلبي في آخرين، قالوا: حدثنا محمد بن إدريس الشافعي، حدثني عمي محمد بن علي بن شافع، عن عبيد الله بن علي بن السائب، عن نافع بن عُجير بن عبد يزيد بن ركانة، وذكر الحديث، قال أبو داود: وهذا أوْلى، لأنهم ولد الرجل وأهله، وهم أعلم به. قال الخطابي: قد يحتمل أن يكون حديث ابن جريج إنما رواه الراوي على المعنى دون اللفظ، وذلك أن الناس قد اختلفوا في البتة، فقال بعضهم: هي ثلاثة، وقال بعضهم: هي واحدة، وكأن الراوي له ممن يذهب مذهب الثلاث، فحكى أنه قال: إني طلقتها ثلاثاً، يريد البتة التي حكمها عنده حكم الثلاث، والله أعلم. قال الخطابي: وكان أحمد بن حنبل يضعفُ طرق هذه الأحاديث كلها. قلنا: وقد نص ابن قدامة أيضاً في "المغني" ١٠/٣٦٦ على أن أحمد ضَغف إسناد حديث ركانة هذا وتركه. =