وعن عائشة، سيأتي ٦/١٣٥: ما رأيت أحداً أشد تعجيلاً للظهر من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا من أبي بكر ولا من عمر. قوله: "الرمضاء"، قال السندي: كحمراء بضاد معجمة، هي: الرمل الحار لحرارة الشمس. "فلم يشكنا" مِن أشكى: إذا أزال شكواه، في "النهاية": شكوا إليه حرّ الشمس وما يصيب أقدامهم منه إذا خرجوا إلى صلاة الظهر، وسألوه تأخيرها قليلاً، فلم يجبهم إلى ذلك. وقال القرطبي: يحتمل أن يكون هذا قبل أن يأمرهم بالإبراد، ويحتمل أنهم طلبوا زيادة تأخير الظهر على وقت الإبراد، فلم يجبهم إلى ذلك. وقيل: معنى: "فلم يُشكِنَا"، أي: لم يحوجنا إلى الشكوى، ورخص لنا في الإبراد. وعلى هذا يظهر التوفيق بين الأحاديث. قلنا: وقد جاء الأمر بالإبراد عن غير واحد من الصحابة، ذكرناها عند حديث أبي هريرة السالف برقم (٧١٣٠) . قال الحافظ في "الفتح" ١/٤٩٣ عند شرحه لحديث أنس السالف ذكره: وفيه تقديم الظهر في أول الوقت، وظاهر الأحاديث الواردة في الأمر بالإبراد يعارضه، فمن قال: الإبراد رخصة، فلا إشكال، ومن قال: سنة، فإما أن يقول: التقديم المذكور رخصة، وإما أن يقول: منسوخ بالأمر بالإبراد. وأحسن منهما أن يقال: إن شدة الحر أن توجد مع الإبراد، وتكون فائدة الإبراد وجود ظل يُمشَى فيه إلى المسجد، أو يصلَّى فيه في المسجد، أشار إلى هذا الجمع القرطبي ثم ابن دقيق العيد، وهو أولى من دعوى تعارض الحديثين. وانظر في المسألة "الأوسط" لابن المنذر ٢/٣٥٩- ٣٦١، و"شرح معاني الآثار" للطحاوي ١/١٨٨ و١٨٩.