قلت -القائل هو الحافظ ابن حجر-: وقع ذلك متصلاً بالحديث من كلامه في "الموطأ" ٢/٩٣٧، وعند مسلم (٢١١٥) ، وأبي داود (٢٥٥٢) ، وغيرهما: قال مالك: أرى أن ذلك من أجل العين. ويؤيده حديث عقبة بن عامر -رفعه-: "مَنْ علق تَميمةً، فلا أتم الله له" أخرجه أبو داود أيضاً (قلنا: ليس هو في "سنن أبي داود"، وهو عند أحمد برقم (١٧٤٠٤) و (١٧٤٢٢) ، وانظر تمام تخريجه فيه) . والتميمة: ما علق من القلائد خشية العين، ونحو ذلك، قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين، فقد ظنَّ أنها ترد القدر، وذلك لا يجوز اعتقاده. ثانيها: النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند شدة الركض، ويحكى ذلك عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وكلام أبي عبيد يرجحه، فإنه قال: نهى عن ذلك لأن الدواب تتأذى بذلك ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلقت بشجرة، فاختنقت، أو تعوقت عن السير. ثالثها: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس، حكاه الخطابي. وعليه يدل تبويب البخاري، وقد روى أبو داود (٢٥٥٤) ، والنسائي (٨٨١١) من حديث أم حبيبة أم المؤمنين مرفوعاً: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس" وأخرجه النسائي ٨/١٨٠ من حديث أم سلمة أيضاً، والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني من طريق عثمان بن عمر المذكور (يعني عن مالك ابن أنس) بلفظ: "لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعيرٍ إلا قطع".