عباس، ما جاءَ بك؟ قال: قلت: أتيتكم من عند المهاجرين والأنصار ومن عند صِهْر رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله. فقالت طائفة منهم: لا تُخاصموا قريشا فإن الله قال: (بل هم قوم خَصِمُون) ] الزخرف: ٥٨ [. فقال اثنان أو ثلاثة: لنُكَلِّمنه. فقلت لهم: تُرى ما نَقَمتُم على صهر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمهاجرين والأنصار، وعليهم نزل القرآنُ، وليس فيكم منهم أحد، وهم أعلم بتأويله منكم؟ قالوا: ثلاثاً. قلت: ماذا؟ قالوا: أما إحداهن: فإنه حَكم الرجال في أمر الله عز وجل، وقد قال الله عز وجل: (إنِ الحُكْمُ إلا لله) ] الأنعام: ٥٧، ويوسف: ٤٠ و٦٧ [، فما شأن الرجال والحكم بعد قول الله عز وجل؟ فقلت: هذه واحدة، وماذا؟ قالوا: وأما الثانية: فإنه قاتل ولم يَسْب ولم يَغْنَم، فلئن كانوا مؤمنين ما حَل لنا قتالهم وسِباهم. قلت: وماذا الثالثة؟ قالوا: إنهَ مَحَا نفسه من أمير المؤمنين، إن لم يكن أميرَ المؤمنين، فإنه لأمير الكافرين. قلت: هل عندكم غير هذا؟ قالوا: كفانا هذا. قلت لهم: أما قولكم: حَكم الرجال في أمر الله عز وجل، أنا أقرأ عليكم في كتاب الله عز وجل ما ينقض قولكم، أفترجعون؟ قالوا: نعم. قلت: فإن الله عز وجل قد صَيَّر من حكمه إلي الرجال في ربع درهم ثمن أرنب، وتلا هذه الآية: (لا تَقْتُلوا الصيد وأنتم حُرُمٌ) إلي آخر الآية] المائدة: ٩٥ [، وفي=