وقد جاء الحديث من وجه آخر مطولاً، وفيه تسمية الرجل بمرثد بن أبي مرثد، والمرأة بعناق، أخرجه الترمذي (٣١٧٧) عن عبد بن حميد، عن رَوْح بن عُبادة، والبيهقي في "السنن" ٧/١٥٣ من طريق روح بن عبادة، وأبو داود (٢٠٥١) ، والنسائي في "المجتبى" ٦/٦٦ عن إبراهيم بن محمد التيمي، عن يحيى بن سعيد، كلاهما عن عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهذا إسناد حسن. وأخرجه الحاكم ١/١٦٦ من طريق مسددٍ، عن يحيى بن سعيد، به. وقال: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قوله: "كانت تسافح"، أي: تزني. وقوله: "أن تنفق عليه"، أي: تنفق هي على الزوج من كسبها. قال السندي: وهذا النهي عن نكاح الزانية، قيل: نهي تنزيه، أو هو منسوخ بقوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم) [النور: ٣٢] ، وعليه الجمهور. قلنا: أخرج الشافعي ٢/٣٤٦، والطبري ١٨/٥٩، والبيهقي ٧/١٥٤ عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية) ، قال: هي منسوخة نسختها: (وأنكحوا الأيامى منكم) فهي من أيامى المسلمين. قلنا: وحديث الباب يقوي قول من يرى أن الآية محكمة لم تنسخ، وأن تحريم زواج الأعفاء من المسلمين بالزواني، والزناة بالعفيفات ما زال باقياً ما لم تصح التوبة منهما، وقد ذهب الإمام أحمد رحمه الله في ما حكاه ابن كثير عنه إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة، لقوله تعالى: (وحرم ذلك على المؤمنين) ، وانظر "المغني" ٩/٥٦١-٥٦٤، لابن قدامة المقدسي.