وقال الخطابي في "أعلام الحديث" ٤/٢٢٩١ متعقبا تأويل الأعمش الذي ذكرناه آنفا: تأويل الأعمش هذا غير مطابق لمذهب الحديث ومخرج الكلام فيه، وذلك أنه ليس بالسائغ في الكلام أن يقال في مثل ما ورد فيه هذا الحديث من اللوم والتثريب: أخزى الله فلانا عرض بفسه للتلف في مال له قدر ومزية، وفي عرض له قيمة. إنما يضرب المثل في مثله بالشيء الوتح (أي: الشيء القليل التافه) الذي لا وزن له ولا قيمة، هذا عادة الكلام وحكم العرف الجاري في مثله. وإنما وجه الحديث وتأويله: ذم السرقة وتهجين أمرها وتحذير سوء مغبتها فيما قل وكثر من المال. يقول: إن سرقة الشيء اليسير الذي لا قيمة له كالبيضة المذرة، والحبل الخلق الذي لا قيمة له إذا تعاطاها المسترق، فاستمرت به العادة لم ينشب أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها، حتى يبلغ قدر ما يقطع فيه اليد، فتقطع يده، يقول: فليحذر هذا الفعل وليتوقه قبل أن تملكه العادة، ويمرن عليها، ليسلم من سوء مغبته ووخيم عاقبته. وقال البغوي: وقيل: كان هذا في الابتداء، وهو قطع اليد في الشيء القليل، ثم نسخ بقوله: "القطع في ربع دينار". وانظر "فتح الباري" ١٢/٨٢-٨٣. (١) قوله: "فبلغ ذلك الناس فواصلوا، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" استدركناه من=