بخلافه، وقد رواه الحفاظ عن ربعي عن رجلٍ لم يسمه، قال: فقلت له:
قد ذكرتَه في " المسند "؟ فقال: قصدت في المسندِ الحديثَ المشهورَ وتركتُ الناسَ تحت سِتر الله، ولو أردتُ أن أَقْصِدَ ما صَحَّ عندي، لم أرْوِ هذا المسندَ إلا الشيءَ بعدَ الشيء، ولكنك يا بني تَعْرِفُ طريقتي في الحديث لستُ أُخَالِفُ ما فيه ضعفٌ إذا لم يَكُنْ في البابِ شَيءٌ يدفعه. فهذا تصريحٌ منه رحمه الله تعالى بأنه أخرج فيه الصحيحَ وغيرَه.
وقد استشكل أبو موسى المديني هذه الحكاية في " خصائص المسند " ص ٢٧ وظنها كلاماً متناقضاً، فقال: ما أظن هذا يَصِحُّ، لأنَّه كلامٌ متناقض، لأنه يقولُ: لَسْتُ أخالِفُ ما فيه ضعف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو يقول في هذا الحديث: الأحاديثُ بخلافه، قال: وإن صحَّ، فلعله كان أولاً، ثم أخرج منه ما ضعف، لأني طلبته في المسند، فلم أجده.
قال ابن القيم: ليس في هذا تناقضٌ من أحمد رحمه الله تعالى، بل هذا هو أصله الذي بنى عليه مذهبه وهو لا يُقَدِّمُ على الحديث الصحيحِ شيئاً لا عملاً ولا قياساً، ولا قولَ صاحب، وإذا لم يكن في المسألة حديثٌ صحيح، وكان فيها حديثٌ ضعيف، وليس في الباب شيء يَرُدُّه، عَمِلَ به، فإن عارضه ما هو أقوى منه تركه للمُعَارِضِ القوي، وإذا كان في المسألة حديث ضعيف
وقياسٌ، قدَّمَ الحديثَ الضعيفَ على القياس انتهى.
وقد نَقَلَ ابنُ الجوزي من خط القاضي أبي يعلى الفَرَّاء في مسألة النبيذ، قال: إنما روى أحمدُ في " مسنده " ما اشتهر، ولم يقصِدِ الصحيحَ ولا السقيمَ (١) .
وقال عبدُ الله: هذا " المسندُ " أخرجه أبي رحمه الله من سبع مئة ألف