للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حديث (١) ، وأخرج فيه أحاديث معلولةً، بعضُها ذَكَر علَلَها، وسائرها في كتاب " العلل " لئلا يخرَّج في الصحيح (٢) .

وقد صوَّرَ لنا ابنُ الجوزي استغرابَ معاصريه من أن يكونَ في " المسند " ما ليس بصحيح، فقال: كان قد سألني بعضُ أصحاب الحديث: هل في " مسند الإمام أحمد " ما ليس بصحيح؟ فقلتُ: نعم. فعظَّمَ ذلك جماعةٌ ينتسبون إلى المذهب، فحَمَلْتُ أمرَهم على أنهم عوامُّ، وأهملتُ فكر ذلك، وإذا بهم قد كتبوا فتاوى، فكتب فيها جماعةٌ من أهل خُراسان منهم أبو العلاء الهَمَذاني، يُعظمون هذا القولَ ويردُّونَه، ويُقَبِّحون قولَ من قاله، فبقيتُ دَهِشاً متعجباً، وقلتُ في نفسي: واعجباً، صار المنتسبونَ إلى العلم عامَّةً أيضاً!

وما ذاك إلا أنهم سَمِعُوا الحديثَ، ولم يَبحَثُوا عن صحيحه وسقيمه، وظنوا أنَّ مَنْ قال ما قلتُه قد تعرَّض للطَّعْنِ فيما أخرجه أحمد، وليس كذلك، فإن الإِمام أحمد روى المشهورَ والجيدَ وَالرديء، ثم هو قد رَدَّ كثيراً مما روى ولم يَقُلْ به، ولم يجعله مذهباً له، ومن نظر في كتاب " العلل " الذي صنَّفَه أبو بكر الخلاّل رأى أحاديثَ كثيرةً كلها في " المسند " وقد طعن فيها أحمد (٣) .

وقال الحافظ السخاوي في " شرح الألفية " ١ / ٨٩: والحق أن في مسند أحمد أحاديث كثيرة ضعيفة، وبعضُها أشدُّ في الضَّعف من بعض حتى إنَّ ابنَ الجوزي أدخل كثيراً منها في موضوعاته، ولكن قد تعقَّبَهُ في بعضها


(١) قلنا: يريد بهذا العدد اختلاف طرق الحديث باختلاف رواته، ويدخلُ فيه أيضاً الأحاديث الموقوفة، فإن الحديث الواحد قد يرويه عن الصحابي عدد من التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عدد من أتباع التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عدد من أتباع أتباع التابعين، وهكذا فيكون الحديث الواحد أحاديث كثيرة متعددة بهذا الاعتبار، فيتحقق هذا العدد الكبير.
(٢) فهرسة ابن خير: ١٤٠. (٣) صيد الخاطر: ٢٤٥ - ٢٤٦.