للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحافظ العراقيُّ في جزء له، وفي سائرها الحافظ ابن حجر، وحقَّقَ نفي الوضع عن جميع أحاديثه، وأنه أحسنُ انتقاءً وتحريراً من الكتبِ التي لم تلتزم الصحة في جمعها.

ولا يغُضُّ من قيمة المسند كثرة الأحاديث الضعيفة فيه، فإنَّ عدداً غير قليل منها صالحٌ للترقي إلى الحسن لغيره، والصحيح لغيره، وذلك بما وُجد له من متابعات وشواهد كما يظهر ذلك من تخريجنا للأحاديث وبيان درجاتها، وما تبقَّى منها، فهو من الضعيف الذي خَفَّ ضعفُه، ما عدا الأحاديث القليلة التي انتُقِدَتْ عليه، فإنه رحمه الله كان يرى الأخذَ بها والعملَ بمضمونها، وتقديمَها على القياس كما مرَّ في قوله لابنه عبد الله: لستُ أُخالِفُ ما ضَعُفَ من الحديث إذا لم يكن في الباب ما يدفعه (١) .

وقد قال شيخ الإِسلام ابن تيمية (٢) : إن تعدُّدَ الطرقِ مع عدمِ التشاعر والاتفاق في العادة يُوجبُ العلمَ بمضمون المنقولِ - أي: بالقدر المشترك في أصل الخبر - لكن هذا يُنتَفَعُ به كثيراً في علم أحوال الناقلين - أي: نزعاتهم والجهة التي يحتمل أن يتعصَّبَ لها بعضُهم - وفي مثلِ هذا ينتفعُ برواية المجهول، والسيئِ الحفظ، وبالحديث المُرسَل، ونحو ذلك، ولهذا كان أهلُ العلم يَكتُبون مثلَ هذه الأحاديث، ويقولون: إنه يصلُحُ للشواهد والاعتبار ما لا يصلُح لغيره. قال الإمام أحمد: قد أكتبُ حديث الرجل لأعتبِرَه.

وقال شيخ الإِسلام أيضاً (٣) : وقد يروي الإمامُ أحمد وإسحاقُ وغَيْرُهُما أحاديثَ تكون ضعيفةً عندهم لاتهام رواتها بسُوءِ الحفظ، ونحو ذلك، ليعتبرَ


(١) خصائص المسند: ٢٧.
(٢) مقدمة أصول التفسير: ٣٠، وما بين معترضتين من كلامنا.
(٣) منهاج السنة: ٤ / ١٥.