قال السندي: قوله: "أنا سيدُ ولد آدم": قيل: السيدُ: هو الذي يفوقُ قومه في الخير، وقيل: هو الذي يُفْزع إليه في النوائب والشدائد، فيقوم بأمورهم، ويتحمل مكارههم، ويدفعها عنهم. وفي "النهاية": السيدُ يُطلق على الربِّ، والمالك، والشريف، والفاضل، والكريم، والحليم، ومتحمل أذى قومه، والزوج، والرئيس، والمُقدم. والولد، بفتحتين: يطلق على الواحد والجمع، والثاني هو المراد، وجاء في الجمع: وُلْد، بضم فسكون، كأسْد في جمع أسد، والمشهور في الحديث بفتحتين، ويُحتمل أن يكون بضم فسكون، والمرادُ نوعُ الإنسان ليشمل آدم، أو بنو آدم، ولا شك أن فيهم من هو أفضل من آدم، فيلزم من كونه سيد ولد آدم أنه أفضل من آدم أيضاً. والتقييدُ بيوم القيامة لظهور سيادته هناك بلا منازع، وأما هاهنا فقد نازعه ملوكُ الكفار، فهو مثلُ قوله: (لمن المُلْكُ اليوم لله الواحد القهار) [غافر: ١٦] . والحديثُ يدل على أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضلُ الآدميين، والآدمى أفضلُ من الملك عند أهل السنة، فيلزم عندهم إنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضلُ الخلق، ولعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك إما لأنه أوحي إليه أن يقول، ليعرف قدره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليكون إيمانهم به على حسبه، أو لأنه قصد به التحديث بالنعمة، فلا يُنافي حديث "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير" لأن المراد هناك ليس له أن يقول افتخارا ونحوه، ولهذا أتبعه بقوله: "ولا فخر"، أي: إن هذه الفضيلة التي نلتُها كرامة من الله تعالى، لم أنلْها من قبل نفسي، ولا بلغْتُها بقُوتي، فليس لي أن أفتخر بها، وعلى هذا فمعنى "لا فخر"، أي: لا يليق بي ذلك، أو: ما قُلْتُ ذلك افتخاراً، فالجملة لدفع توهم أنه قاله افتخاراً، وقيل: هي حال، بتقدير: أقول هذا ولا فخر. والفخْرُ: ادعاء العظم والمباهاةُ بالأشياء. أول من تنشق عنه الأرض: كناية عن كونه أول من يُبعث.