قال: ولما عَلِمَ الله تعالى نيتَه الصالحةَ، أقبل بوجوه الناس عليه، وحرَّك الهممَ للسماع عليه، فاجتمع عليه جماعةٌ ما اجتمعوا بمجلسٍ بدمشق.
قال ابنُ الجزري: وذلك في مجالس، آخِرُها في صفر سنةَ ثلاث وست مئة.
قالَ ابنُ الأنماطي: فحدَّث بالمسند بالبلدِ (يعني بدمشق) مرة، وبالجامع المظفَّري (أي بالصالحيَّة) أخرى، وازدحم عليه الخلقُ، وسمع منه السلطان الملك المعظَّم وأقاربه، وأبو عمر الزاهد، وسائر المقادسة (١) ، وحدَّث عنه الكبارُ بالمسند كالشيخ الفقيه ببَعْلَبَك (ت ٦١٧ هـ، السير ٢٢ / ١٠١) ، وقاضي الحنفية شمس الدين عبد الله بن عطاء (ت ٦٧٣ هـ، الجواهر المضية ٢ / ٣٣٦) ، والشيخ تقي الدين بن أبي اليُسر (ت ٦٧٢ هـ، الوافي بالوفيات ٩ / ٧١) ، والشيخ شمس الدين بن قُدَامة (ت ٦٨٢ هـ، ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٣٠٤) ، والشيخ شمس الدين أبي الغنائم بن عَلاّن (ت ٦٣١ هـ، السير ٢٢ / ٣٦٢) ، والشيخ أبي العباس بن شيبان (ت ٦٨٥ هـ، الوافي ٦ / ٤١٧) ، والشيخ فخر الدين بن البخاري (ت ٦٩٠ هـ، ذيل طبقات الحنابلة ٢ / ٣٢٥) ، والمرأة الصالحة زينب بنت مَكِّي (ت ٦٨٨ هـ، العبر ٥ / ٣٥٨) .
وأما من حدَّث عنه ببعض " المسند " فعددٌ كثير، ورجع إلى وطنه، فمرَّ
(١) كانت جماعة من المقادسة قد هاجروا من بيت المقدس وما حوله إبان الحروب الصليبية نحو سنة (٥٥١ هـ) ، واستوطنوا جبل قاسيون في دمشق، ولصلاحهم نسب الجبل من بَعْدُ إليهم فسمي بالصَّالحية، وكانوا في الفقه على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل رضي الله عنه، وفي نسخ دار الكتب الظاهرية بدمشق من " المسند " سماعاتهم وخطوطهم، وعليها خط حنبل بتصحيح سماعهم منه.