على جبل وقال لهما: أشهدا لي عليه عند الله تعالى أنه قاتلي ظلما، وقتلته فلما رأيت الحجلة الآن ذكرت ذلك الرجل وحمقه في استشهاده الحجل علي، قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتى لم أملك نفسي وتقدمت بأخذه وكتفه ثم ضرب رقبته بين يدي، فلم آكل حتى رأيت رأسه مبرّأ بين يديه بعد أن قلت له: قد والله شهدت الحجلتان عليك عند من أقادك بالرجل وأخذ له بحقه منك.
قال: وحدثني-يعني-الوزير فخر الدولة قال: كان لبعض الأكراد المتوجهين فرس أعطي به ألف دينار وجعلها ابن مروان ألف دينار وضيعة فلم يبعه ولا طابت نفسه بمفارقته، وركب يوما ابن مروان الى الصيد فقيل له أيها الأمير نفق البارحة الفرس الفلاني فاغتم به وحزن عليه: وأحضر صاحبه إليه وعزاه به لعظيم ما كان عنده منه، فوجده لا يقبل العزاء وعنده من الأسف على المال لا على الفرس ما غاظه، فقال له: يا هذا مالك وما فرس حتى يلحقك هذا الأمر العظيم عليه ولعل الله تعالى قد دفع عنك ما هو أعظم من ذهاب ثمنه منك، فقال: أهي فرس أيها الأمير هي ألف دينار، فقال له: تأخذ ألف دينار وتجعل ثواب الفرس لي؟ فقال: نعم فتقدم باطلاقها له، وحضرني وتقدمت (٦٣ - ظ) بتسليمها اليه وانصرف بها فلم يصبح إلاّ أعمى يتلمس الحيطان وجاءنا الخبر فعجب الامير والناس أجمعون مما جرى في ذاك، ووقع للأمير أن الله تعالى قد دفع عنه بالألف دينار ما نزل بمن أخذها وسر بذاك.
وقال حدثني الوزير فخر الدولة أبو نصر بن جهير قال: حدثني نصر الدولة أبو نصر بن مروان صاحب ديار بكر عند خدمتي له وقد جرى حديث أبي القاسم ابن المغربي (١) قال: لما خدمني عند مجيئه من مصر وما جرى له مع الحاكم جاءني يوما ومعه سدس كاغد فقال لي: قد أثبت في هذا السدس أسماء أصحابك الذين قد
(١) -الوزير المغربي ستأتي تفاصيل أخباره في ترجمته.