للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبي مريم المديني، وكان يخاصم رجلا يقال له الحلبي في الفقه، وكان ابن أبي مريم يقول بقول أهل المدينة، والحلبي يقول بقول أهل العراق، قال: فلما جاء ابن أبي مريم الى أبي علي فقال: جعلت فداءك خاصمت اليوم الحلبي بين الملأ وأفحمته، وذاك أني سألته عن قول الله جل وعز: «وقيل من راق» (١)، قال: إذا مات الانسان قالت الملائكة بعضها لبعض: أيكم يرقى بروحه، فيقول: هذا أنت، ويقول: هذا انت، قال: فقلت: هم والله أطوع من أن يتدافعوا أمره، والله ما يرضى أبو الوزير الكاتب أن يتدافع فيوج (٢) الديوان بأمره فكيف يرضى الله بذلك من ملائكته، وإنما تفسير ذلك أنه إذا مرض الانسان «قيل من راق» يرقيه، فقال: قال أبو علي: فقد كان ينبغي لك أن تحتج بقوله تبارك وتعالى: «وظن أنه الفراق» (٣)، فإن ذلك يدل على أنه حي بعد، قال: فقال له ابن أبي مريم: ولو كان لي هذا العقل كنت يحيى بن خالد. (٢٦٢ - و)

[الحلبي المتكلم]

إن لم يكن الفقيه المتقدم، فهو غيره، وهو من أصحاب حسين النّجار.

وإيّاه عنى أبو أحمد يحيى بن علي النديم بقوله في شهادة شهدها الحلبي على أبي سهل بن نوبخت:

وفي الحلبي كل نحس وشنعه … ونعم أخو الأخوان عند الحقائق

على أنّه ممن يجوّر ربّه … وينحله مذموم فعل الخلائق

وما يأمن الجيران منه شهادة … عليهم بعظمى ليس فيها بصادق

وينشدك الشعر الغثيث لنفسه … فيحلف عنه أنه غير سارق

وما ضرني لو أنّه لي موافق … ولا ضرني أن كان غير موافق

وذلك أنه شهد على أبي سهل اسماعيل بن نوبخت أنه يتعرض بحرم المسلمين ويدخلهن إلى منزله، وحمله على ذلك رجل يعرف بابن أبي عوف، وكان الحلبي صديقا لأبي سهل، وكان أبو سهل يفضل عليه ولكنه استشهد.


(١) سورة القيامة-الآية:٢٧.
(٢) الرسل حملة البريد.
(٣) سورة القيامة-الآية:٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>