قد ذكر أحمد بن الطيب السرخسي فيما أوردنا عنه إنه عدّ في المسالك والمالك في ذكر المدن والكور بقنسرين والعواصم وقال: الجرجومة على جبل اللكام.
وقد ذكر أحمد بن يحيى البلاذري في كتاب البلدان فيها فصلا نذكره هاهنا بعينه، قال: حدثني مشايخ من أهل أنطاكية أن الجراجمة من مدينة على جبل اللّكام عند معدن الزاج، فيما بين بيّاس وبوقا يقال لها الجرجومة، وأن أمرهم كان في أيام استيلاء الروم على الشام وأنطاكية إلى بطريق (٨٠ - ظ) أنطاكية وواليها، فلما قدم أبو عبيدة أنطاكية وفتحها، لزموا مدينتهم، وهمّوا باللحاق بالروم إن خافوا على أنفسهم، ولم ينتبه المسلمون لهم، ولم ينبّهوا عليهم، ثم إن أهل أنطاكية نقضوا وغدروا، فوجّه إليهم أبو عبيدة من فتحها ثانية، وولاّها بعد فتحها حبيب بن مسلمة الفهري، فغزا الجرجومة، فلم يقاتله أهلها، ولكنهم بدروا بطلب الأمان والصلح، فصالحوه على أن يكونوا أعوان المسلمين وعيونا ومسالح في جبل اللّكام، وأن لا يؤخذوا بالجزية، وأن ينفّلوا أسلاب من يقتلون من عدو المسلمين إذا حضروا معهم حربا في مغازيهم.
ودخل من كان في مدينتهم من تاجر وأجير وتابع من الأنباط وأهل القرى وغيرهم في هذا الصلح، فسمّوا الرواديف لأنهم تلوهم وليسوا منهم، ويقال أنهم جاءوا بهم الى عساكر المسلمين وهم أرداف لهم، فسموا الرواديف، فكان الجراجمة يستقيمون للولاة مرة، ويعوجّون أخرى، فيكاتبون الروم ويمايلونهم.