يبدون من يلقون بالتسليم … يعفون عن ذي القدرة الظلوم
نهارهم صوم بلا تعتيم … وليلهم عبادة القيّوم
فتارة يبكون شجوا دررا … خوف الحساب والخطايا حذرا
وتارة يعتبرون السورا … مستغفرين عله قد غفرا
وتارة يغزون أرض الروم … يرجون قتلا في هوى الكريم
يا ليتني في الارض كالرميم … عندهم فقصّري أو لومي
هذا كان حال مدينة طرسوس والشرائع محفوظة، وأمور الجهاد ملحوظة، وأحوال البدع مرفوضة، والجفون عن الحرمات مغضوضة، فحين فسدت الأمور، وارتكبت الفجور، وقلت الخيرات، واشتغل أهل الجهاد (٦٨ - ظ) باللذات، طمع العدو ومنعه طلب الثأر الهدوّ فقصد البلاد وأكثر الأمداد، وهجم حلب وفتح أنطاكية، وقتل الأبطال، وسبى الذرية، ثم استولى على الديار، وقصد طرسوس، وألحّ عليها بالحصار، فجرى في أمرها العظيم ما ذكره عثمان بن عبد الله بن إبراهيم في مقدمة كتابه الموسوم بسير الثغور، ونقلته من خطّه مع ما نقلته من حوادث الأمور.
قال بعد أن حمد الله على نعمه التي تظاهرت فما تحصى وأياديه التي ترادفت فما تستقصى: نفذت سوابق أقضيته في عالم من بريته أسكنهم حينا من الدهر ثغرا