للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولايته (٢٦٦ - و) بعد موت الملك الظاهر، ولم يمكنه من الصعود الى قلعة حلب، فمضى الى دمشق، واستقل الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر بمملكة حلب، فأعادته سيدته والدة الملك العزيز ضيفه خاتون الى خدمتها بقلعة حلب، ولما مات ولدها الملك العزيز وصار تدبير مملكة ولده الملك الناصر الى جدته المذكورة، قدمت إقبال المذكورة، وتمكن في الدولة، وحكم على الأمراء والرعية، وتولى أمور المملكة، وحكم في حلب حكم الملوك، وكان عنده اقدام وجرأة وظلم وسماحة، وحمق وجهل، فدام أمره كذلك الى أن توفيت مولاته، فازداد تمكنه واستقل بالتصرف في الملك، وأهان أكابر الأمراء، وانقادوا له الى أن قدم التتار الى ظاهر حلب في سنة احدى وأربعين وستمائة، فمرض لشدة خوفه في صفر من السنة المذكورة وتوفي في الشهر المذكور (١) ودفن في التربة التي أنشأها لنفسه ظاهر مدينة حلب ووقفها مدرسة على أصحاب الامام أبي حنيفة رضي الله عنه.

ومما بلغ من جنونه وجهلة أنه قال يوما من الأيام، وقد أطغاه ما هو فيه: أنا خير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في خدمته فراش أعرفه، فقال له:

تكذب يا عبد السوء، ومن أنت؟ فأمر به فضرب ضربا مبرحا وهو يشتمه الى أن تركه، نعوذ بالله من الخذلان. وذكر لي يوما أن أباه كان ملك الحبشة، والله أعلم بحاله (٢٦٦ - ظ‍).

[اقبال بن عبد الله الخادم]

كان خادما لسالم بن مالك العقيلي، حسن الصورة، له في الفروسية اليد الطولى، ويكتب الخط‍ البديع على طريقة علي بن هلال المعروف بابن البواب، وكان دكيا فطنا كان مع مولاه سالم بحلب، فأهداه الى نظام الملك حين توسط‍ له مع ملك شاه بقلعة جعبر، وقد ذكرنا قصته في ترجمة سالم بن مالك في حرف السين من هذا الكتاب (٢).


(١) -لمزيد من التفاصيل: انظر زبدة الحلب:٣/ ٢٦٦ - ٢٦٩.
(٢) -كان سالم بن مالك حاكم قلعة حلب أيام حكم مسلم بن قريش العقيلي، واعتصم بها بعد مقتل مسلم، وظل فيها حتى سلمها للسلطان ملكشاه مقابل اقطاعه قلعة جعبر، انظر تفاصيل هذا كله في كتابي «مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية»: ١٩٩ - ٢٠٥ - ٤٠٥ - ٤٠٧ (ترجمة سالم من بغية الطلب:٩/ ١٩٧ ظ‍ -١٩٨ ظ‍).

<<  <  ج: ص:  >  >>