وهي مدينة هي الآن في أيدي المسلمين، وهي مذكورة، وفيها معدن حديد، يجلب منها الحديد الى البلاد، وهي الآن قرية، وبينها وبين الحدث ثمانية عشر فرسخا.
وذكرها أبو زيد أحمد بن سهل البلخي في كتابه وقال: وأما زبطرة فإنها حصن كان من أقرب هذه الثغور الى بلد الروم، خربها الروم.
قلت: وقد كانت الروم في صدر الإسلام تنتابه وتطرقه لقربه من بلادها فتخربه ويعمره المسلمون مرة بعد أخرى، فإن أبا جعفر أحمد بن يحيى البلاذري ذكر فيما نقله في كتاب البلدان عمن حدثه من أهل الشام فقال: قالوا وكانت زبطرة حصنا قديما روميا، ففتح مع حصن الحدث القديم، فتحه حبيب بن مسلمه الفهري وكان قائما الى أن أخربته الروم في أيام الوليد بن يزيد، فبني بناء غير محكم، فأناخت الروم عليه في أيام فتنة مروان فهدمته، فبناه المنصور، ثم خرجت إليه فشعثته فبناه الرشيد أمير المؤمنين على يد محمد بن إبراهيم، وشحنه.
فلما كانت خلافة المأمون طرقه الروم فشعثوه، وأغاروا على سرح أهله فاستاقوا (٨٧ - و) لهم مواشي، فأمر المأمون رحمه الله بمرمته وتحصينه، وقدم وفد الطاغية في سنة عشر ومائتين يسأل الصلح، فلم يجبه الى ذلك، وكتب الى عمال الثغور، فساحوا في بلاد الروم فأكثروا فيها القتل، ودوّخوها وظفروا ظفرا حسنا، إلا أن يقظان بن عبد الأعلى بن أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي أصيب.