قال أبو الحسين: فأنسيته الى يوم الجمعة فلقيني من خبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين يقولون: يدفن بعد الصلاة، فلم أنصرف فحضرت فوجدت الجنازة قد أخرجت قبل الصلاة كما قال، فسألت من حضر وفاته فقال: إنه غشي عليه ثم أفاق، ثم التفت الى ناحية البيت وقال: قف عافاك الله فإنما أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور، والذي أمرت به لا يفوت والذي أمرت به يفوتني، فدعا بماء وجدد وضوءه وصلى وتمدد وغمض عينيه فرؤي في المنام بعد موته، وقيل له: كيف حالك؟ فقال: لا تسل تخلصت من دنياكم الوضرة (١).
[أبو الحسين الفراء]
الفقيه الطرسوسي روى عن حامد بن يحيى البلخي، روى عنه محمد بن خمّ. (٧٢ - و).
نقلت من خط عبد الله بن علي بن عبد الله بن سويدة التكريتي-بها- وأنبأنا به عنه-سماعا منه-علي بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن سعد قال:
حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا تميم قال: حدثنا الفقيه أبو الليث بن محمد قال:
حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن خمّ قال: حدثني أبو الحسين الفراء الفقيه الطرسوسي قال: حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال:
كان عندنا بمكة رجل من أهل خوزستان وكان رجلا صالحا وكان الناس يودعونه ودائع لهم، فجاء رجل فأودعه عشرة آلاف دينار، وخرج الرجل في حاجة فقدم مكة وقد مات الخوزستاني فسأل أهله وولده عن ماله، فلم يكن لهم به علم، فقال الرجل لفقهاء بمكة، وكانوا يومئذ مجتمعين متوافرين: أودعت فلانا عشرة آلاف دينار، وقد مات وسألت أهله وولده، ولم يكن لهم بها علم، فما تأمرون؟ فقالوا:
نحن نرجو أن يكون الخوزستاني من أهل الجنة، فإذا مضى من الليل ثلثه أو نصفه ائت زمزم فاطّلع فيها وناديا فلان بن فلان، أنا صاحب الوديعة، ففعل ذلك ثلاث ليال فلم يجبه أحد، فأتاهم فأخبرهم فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون نخشى أن
(١) الرسالة القشيرية:٢٥. والوضر: وسخ الدسم واللبن أو غسالة السقاء والقصعة ونحوهما. القاموس.