وان جاء في بعض التراجم ما يخالف ذلك من تقديم وتأخير، فانما هو سبق قلم، وذهول من الفكر، وانما قررت هذه القاعدة ليرد ما خالف الأصل اليها، وبالله التوفيق.
[٢ - فائدة أخرى]
كلما رفع المؤرخ في أسماء الآباء والنسب، وزاد في ذلك، انتفع به، وحصل له الفرق بين المترجمين، فقد حكم أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني، قال:
حججت في سنة، وكنت بمنى أيام التشريق، فسمعت مناديا ينادي: يا أبا الفرج، فقلت: لعله يريدني، ثم قلت: في الناس كثير ممن يكنى أبا الفرج، فلم أجبه، ثم نادى: يا أبا الفرج المعافى، فهممت بإجابته، ثم قلت: قد يكون اسمه المعافى وكنيته أبا الفرج، فلم أجبه، فنادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا، فلم أجبه، فنادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني، فقلت: لم يبق شك في مناداته إياي، إذ ذكر كنيتي، واسمي، واسم أبي، وبلدي، فقلت: ها أناذا، فما تريد؟ فقال: لعلك من نهروان الشرق؟ فقلت: نعم، فقال: نحن نريد نهروان الغرب، فعجبت من اتفاق ذلك. انتهى.
وكذلك الحسن بن عبد الله العسكري أبو أحمد اللغوي صاحب كتاب التصحيف، والحسن بن عبد الله العسكري، أبو هلال صاحب كتاب الأوائل، كلاهما الحسن بن عبد الله العسكري، الأول توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، والثاني كان موجودا في سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، فاتفقا في الاسم واسم الأب والنسبة والعلم، وتقاربا في الزمان، ولم يفرق بينهما إلا بالكنية لأن الأول أبو أحمد، والثاني أبو هلال، والأول ابن عبد الله بن سعيد بن اسماعيل، والثاني ابن عبد الله بن سهل بن سعيد، ولهذا كثير من أهل العلم بالتاريخ لا يفرقون بينهما، ويظنون أنهما واحد.