وقال: أنشدني سالم بن مكي الحمصي لنفسه ببغداد:
كم لي أكتم حاسديك وأنكر … والدمع يفضح ما أجن وأستر
وكذا المحبّ يذيع ما في قلبه … فرط الغرام الى الوشاة ويظهر
لا تحسبي دمعي كما زعم الورى … ماء يرقرقه البكا المثعنجر (١)
(٢٠٤ - ظ)
بل مهجة سلكت باثناء الحشا … فغدت تفيض من الشؤون وتقطر
يا حرة الأبوين لا تتعمدّي قتلي … فسفك دمي بطرفك منكر
أنسيت ليلتنا بمنعرج اللوى … والليل من صفحات وجهك مقمر
وجناؤنا ثمر الحديث وبينا … عتب تراح به القلوب وتحضر
وإذا الصبا عبثت بخلقك … رنحت غصنا يميل به كثيب موقر
شجب العفاف علي منك مآربا … عزت ومحض هواك لا يتغير
وثقيلة الأرداف مخطفة الحشا … خود تقرّ بها العيون وتسهر
قالت وقد سفحت بساحة خدها … دمعا تزال به الذنوب وتغفر
أنسيت ما كنا به ويد الصبى … تطوي لنا برد الوصال وتنشر
أيام همك أهيف متجاذب … ومقبّل عطر وطرف أحور
فأجبتها كفي فهمّي سابق … ومهنّد عضب ولدن أسمر
شغلي بإدراك العلى وطلابه … عن حب غانية تذل وتحقر
وقال: سألت سالم بن مكي عن مولده، فقال: في مستهل شوال سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بحمص، وتوفي ببغداد في رجب أو شعبان من سنة اثنتي عشرة وستمائة.
[سالم بن منصور]
أبو الغنائم الشاعر الحلبي، ويعرف بالفاخر، روى عن أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي حكاية سمعها منه، وكتبها (٢٠٥ - و) عنه أبو شجاع فارس بن الحسين الشهرزوري.
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين، عن سعيد بن أحمد بن الحسين
(١) -المثعجنر: السائل من ماء أو دمع. القاموس.