للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[في ذكر الراوندان]

وهي قلعة صغيرة على رأس جبل عال منفرد في مكانه لا يحكم عليها منجنيق ولا يصل إليها نبل ولها ربض صغير في لحف جبلها وهي من أقوى القلاع (١٢٠ - و) وأحسن البقاع، ويحف بالقلعة واد من جهة الغرب والشمال هو كالخندق، وفيه نهر جار، وصعدت إلى هذه القلعة راكبا فوجدت مشقة عظيمة، لعلوها وضيق المسلك إليها.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي عن مؤيد الدولة أسامة بن مرشد ابن علي بن منقذ قال: تل هراق والراوندان هذان المركزان من أعمال حلب وكان فيهما ولاة الملك رضوان بن تاج الدولة، فكان يلي تل هراق عزّك بن الوزير أبي النجم، وكان الملك رضوان ينادمه ويضحك من حكاياته فشرب عنده ليلة فعربد عليه الملك رضوان وضربه، فخرج من المجلس وسار من حلب ووصل إلى شيزر وعليه آثار العربدة وعيناه مخضرتان، فحكى يوما قال: بلغني أن بالراوندان أسارى أفرنج وقد وثبوا في حصنها وملكوه، فسرت من تل هراق إلى الراوندان نزلت عليه وراسلت الأفرنج الذين ملكوه وتلطفت في أمرهم الى أن استقر أني أحلف لهم أنهم آمنون وأني أسيرهم إلى أنطاكية ويسلموا لي الحصن، فحلفت لهم، وخرجوا وأطلقتهم وتسلمت الحصن واعتقدت أنني قد خدمت الملك رضوان خدمة يراها لي لاستخلاص الحصن مع قربه من الفرنج، فلما وصلت حلب بلغني أن الملك رضوان قال لما بلغه الخبر قد ضيّع علي عزّك ألف دينار ثمن الأسارى، فجلست من الغد في الدركاه والأمراء فيها مجتمعون وقلت: سمعت أن مولانا قال: ضيع علي عزك من ثمن الأسارى ألف دينار (١) ..


(١) -كتب ابن العديم في الحاشية: تمامه في الورقة الزائدة، وقد ضاعت هذه الورقة، ولم أجد الخبر في أي من كتب أسامه المنشورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>