جنبه فاستدعاه إليه فمشى إليه من باب المجلس إلى صدره، فأخذه وقبل وجهه، ودمعت عينه، وتوفي تلك الليلة، وقد أدرك ما تمناه رحمه الله.
[أحمد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد]
أبو المعالي المدائني، ويسمى أيضا القاسم، شيخ حسن فاضل فقيه أديب شاعر، قدم إلى حلب وأقام بها مدة في مدرسة شيخنا قاضي القضاة، ثم سافر إلى بغداد، وكتب بها الإنشاء في ديوان الخليفة المستعصم، وسمعت من ينشد مدائح المستعصم التي نظمها في ذلك الوقت، وهو حاضر لأنه كان يترفع عن الانشاد (١١٣ - و) لكنه كان دمث الأخلاق، حسن المحاضرة، طيب المفاكهة، اجتمعت به في مجلس الوزير أبي طالب بن العلقمي، وجرى بيني وبينه مباحثة في الفقه.
وسأذكر ترجمته في حرف القاف، وأورد شيئا من شعره الذي سمعته منه، لأن القاسم أشهر اسميه، لكني لا أخلي هذه الترجمة من شيء من محاسن شعره، فمن ذلك ما أنشدني رضي الدين أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن فلاح الهيتي الناظر بها بهيت، قال: أنشدني موفق الدين بن أبي الحديد لنفسه، وكتبها إلى أخيه عبد الحميد بن أبي الحديد وقد وضع كتابا يرد فيه على ضياء الدين نصر الله بن الأثير في كتابه الموسوم «بالمثل السائر» وسمى كتابه «الفلك الدائر على المثل السائر»:
المثل السائر يا سيدي … صنفت فيه الفلك الدائرا
لكن هذا فلك دائر … تصير فيه المثل السائرا
وقرأت من شعره بخطه في الموجه:
عجبوا من عذاره بعد حولين … وما طال وهو غض النبات
كيف يزكو زرع بخديه … والناظر وسنان فاتر الحركات
وقرأت بخطه: ولما رتب بعض أصحابنا عارضا للجيش ودخل بالخلعه قمت إليه وقبلته ودعوت له، وقلت ارتجالا: