ويقال له الشقفه، ودفن يوم الجمعة بعد الصلاة في التربة المختصة بأهلنا بالقرب من مقام إبراهيم عليه السلام.
وكان رحمه الله في مرضه ذلك يطلب مني أن أقرأ له شيئا في كتاب «أدب المريض والعائد» لأبي شجاع البسطامي، ويسألني أن أورد له أشياء وردت في الصبر وما ينبغي للمريض أن يقوله ويدعو به مما ينفعه لآخرته، وكان إذا قال له أحد من الجماعة: أبشر بالعافية يقول: والله إني لا أكره الموت، من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وأوصى بإخراج شيء من ماله وافر يتصدّق به على الفقراء والمساكين، ولما أحس بالموت جعل يقول في تلك الليلة التي توفي فيها ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم أعني على سكرات الموت» ثم استدعى بسواك فاستاك به، وسمعه من كان يتولى تمريضه من جماعتنا وهو يقول: هذا دو الكفل يصلي، وقال:
أعطوني سبحة الشيخ أبي الحسن-يعني-الفاسي، وكان من أولياء الله تعالى وكبار الزهاد؛ ثم إنه طلبني، وكنت في ناحية الدار، فحضرت إليه، فالتفت فرآني واستدعاني إليه، ثم قبّل فمي، فوجدت شفتيه قد بردتا، فعلمت أنه في النزع، ولما احتضر جعلت أنا وعمي أبو غانم نلقنه الشهادة وهو يتشهد معنا، وقرأنا سورة الإخلاص فجعل يقرأها معنا إلى أن مات، وعرق (١)(١١٢ - ظ) جبينه عرقا باردا طيب الرائحة، ودمعت عينه، وظهر له من أمارات الخير عند موته ولله الحمد ما طيب القلوب لفقده، وكان قد سأل في الليلة التي توفي فيها: ما هذه الليلة؟ فقيل له: ليلة الجمعة، فقال: غدا أفارقكم، فمات في تلك الليلة، ودفن يوم الجمعة.
ومن عجائب ما اتفق أنه كان يجتهد في تزويجي يحثني عليه، ويقول: أشتهي أن أرى لأبي القاسم ولدا يمشي بين يدي، فاتفق أن زوجني، فولد لي ولدي أحمد الذي قدمت ذكره، فسماه والدي باسمه، وتكمل له من العمر سنة، ومرض والدي، فلما كان يوم الخميس الذي أعقبه ليلة الجمعة التي توفي فيها جئت إلى جنب الدار، فرأيت أحمد وهو يمشي خطوات أول مشيه وله سنة وشهر، فحملته وجئت إلى والدي وقلت له: يا مولاي هذا أحمد قد مشى، فنظر إليه وهو على