الى حلب ليأخذ الفتاوى من أئمتها على الملك فخر الدين بسبب يمين جرت بين ابن الدانشمند وبين فخر الدين، وأدعى أنه قد نقض العهد وخالف اليمين حين نزل يحاصر آمد، والغالب عليها يومئذ الملاحدة، وكانوا يومئذ معاهدين لمن حالف الملك ابن الدانشمند، فدخل بلاد الملك فخر الدين ونهبها، ونفذ الفقيه الياس لأخذ خطوط الأئمة بها، وكانا قد تحالفا على أن يكون كل واحد منهما صديق الآخر، وعدو عدوه كائنا من كان، وكان بحلب يومئذ علاء الدين عبد الرحمن الغزنوي، وتاج الدين عبد الغفور الكردي الحنفيان، وشرف الدين عبد الله بن عصرون رحمهم الله أجمعين.
[اليون المرعشي]
كان روميا من أهل مرعش، وكان قد مضى مع مسلمة بن عبد الملك في أيام أخيه سليمان بن عبد الملك، فملكه الروم عليهم بالقسطنطينية.
قال البلخي في تاريخه: وجهز سليمان مسلمة حتى بلغ القسطنطينية في مائة ألف وعشرين ألفا، وكان استصحب البون المرعشي ليدله على الطريق والعورات، وأخذ عهوده ومواثيقه على الوفاء والمناصحة، فعبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية فلما برح بهم الحصار عرضوا الفدية على مسلمة فأبى أن يفتحها إلاّ عنوة، قالوا:
فابعث الينا اليون فانه رجل منا، ويفهم كلامنا مشافهة، فبعثه اليهم فسألوه عن وجه الحيلة فقد ضاق بهم الامر، فقال: يا أهل قسطينطينية إن ملكتموني عليكم لم أفتتحها لمسلمة، فبايعوه على الملك والامرة، فخرج اليون وقال لمسلمة: قد أجابوني انهم يفتحونها، غير أنهم لا يفتحون ما لم تتنح عنهم، قال مسلمة: أخشى والله ان هذا منك غدر، فحلف له أليون أن يدفع اليه كل ما في قسطنطينية من ذهب وفضة وديباج وسبي، ورحل مسلمة وتنحى الى بعض الرساتيق ودخل اليون، فلبس التاج، وقعد على سرير الملك، (٢٨٩ ظ) وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج فملأوا الاهراء وشحنوا المطامير، وبلغ الخبر مسلمة فعلم أنه كان غدرا، فأقبل راجعا فأدرك شيئا من الطعام، وغلقوا الابواب دونه، وبعث الى اليون يناشده الوفاء الى العهد، فأرسل اليه اليون: ملك الروم لا يبايع بالوفاء، ونزل بفنائهم