أبي محمّد، وزير المستنصر الفاطمي توجه من الديار المصرية الى حلب في حياة أبيه لترتيب أمورها واصلاح أحوالها.
قرأت في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان، تأليف ابن الزبير، قال بعد حكاية ذكرها: ومثل ما ذكرته من اختلال أحوال ذوي الجاه والمال ما حدثني به القاضي ابراهيم بن مسلّم الفويّ بمصر، وقد جرى مثل هذا الحديث، قال:
شاهدت خطير الملك، ولد الوزير اليازوري أبي محمد، وزير المستنصر بالله بمصر وكان من أعظم وزراء الدولة الفاطمية خطرا وأوفاهم قدرا، وولىّ ابنه خطير الملك المذكور قضاء القضاة بسائر أعمال الدولة، والمظالم، وناب عن والده في الوزارة، وسار الى حلب وغيرها من أعمال الشام لتمهيد أمورها، واصلاح أحوالها، وتقريرها.
وآلت به الحال بعد قتل أبيه الى الفقر المدقع، والحاجة الشديدة الى أن جلس للخياطة بالأجرة في بعض مساجد فوّة (١).
قال ابن مسلم: فرأيته في بعض الأيام يطالب رجلا بأجرة خياطة خاطها له والرجل يدافعه ويماطله وهو يلجّ في الطلب، ولا يرخص له (٢٥٢ - و) في الإنظار والمهلة، فلما ألح عليه قال: يا سيدنا اجشاء هذا المقدار اليسير من جملة ما ذهب منك في السّفرة الشامية، فقال: دع ذكر ما مضى.
(١) بليدة على شاطئ النيل من نواحي مصر قرب رشيد. معجم البلدان.