ووجوهها-قال: حدثني أبي قال: كتب السلطان (١) قديما الى الاقاليم بسبّ ابن طولون فسبّ على منبر طرسوس على لسان ابن أبي قباس، كما سبّ بكل مكان، وحج ابن أبي قباس فسلك الركب الذين كانوا معه طريق مصر، فدخلوها في شهر رمضان، وكان يصلي بابن طولون عشرة أئمة كل واحد منهم تسليمه واحدة، فصار ابن أبي قباس الى باب دار ابن طولون، فدخل في جملتهم، ووقع للحجاب والبوابين أن ابن أبي قباس أحد العشرة المرسومين للصلاة، فلما أقيمت تقدم وكل واحد من العشرة يحسبه يصلي عن اذن ومؤامرة، ومنهم من يحسبه أحدهم فافتتح فقرأ فحيّر السامعين شجى وطيبا، وتمموا صلاتهم فلما أرادوا النهوض للتراويح أمر ابن طولون أن يصلي ترويحته ففعل ثم أخرى، ثم أخرى حتى فرغ من جميعها، ومن الوتر، وانصرفوا، ولم يصل أحد من العشرة فرضا ولا نافلة، فسأل ابن طولون حجابه عنه، فقالوا: ما نعرفه ولا رأيناه. قبل وقتنا هذا، وقال بعضهم (٢٤٥ - و) ما ظنناه إلاّ واحدا من العشرة المرسومين بالصلاة فتقدم ابن طولون الى الحجاب إن عاد أن لا يحجب فعاد لليلته المقبلة وتقدم وصلى، فلما أراد الانصراف استوقفه الحجاب، وسألوه من هو ومن أين هو فما أجابهم، فرد الى ابن طولون فخاطبه وسأله عن اسمه ونسبه فقال انا ابن أبي قباس فسرّ به سرورا عجيبا، وأمره بالصلاة به ما بقي من الشهر وحده وأمره بسبه بحيث يسمع كما سبه على منبر طرسوس، فاستعفاه فأبى عليه واستعفاه فما وجد له منه محيصا، وسأله الأمان فآمنه وقام فخطب، فلما وصل الى حيث يسب رخم واختصر فحتم عليه أن لا يغادر من السب حرفا واحدا إلاّ لفظ به، ففعل وأتى عليه عن آخره، فأمر له بألف دينار، وزوده الى مكة، وحمله فحج وعاد الى طرسوس شاكرا لابن طولون حامدا.
[ابن أبي عياش الالهاني]
كان على حرس عمر بن عبد العزيز، وكان معه بخناصرة، وعزله عمر، وولى عمرو بن مهاجر مولى الانصار.
(١) يريد به دار الخلافة ببغداد، ومر بنا في ترجمتي أحمد بن طولون وابنه من بعده خمارويه بعض تفاصيل أخبار الصراعات بين الدولة الطولونية والخلافة العباسية.