ابن بركة بن أحمد بن صديق بن صروف أبو الثناء الحراني، روى عن أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء البغدادي، نزيل حران، دخل حلب مرارا متعددة، ولم يتفق لي الاجتماع به، وكان شيخا صالحا ورعا من أهل حران مشهورا بالدين والصلاح والصبر على البلاء، سمعت رفيقنا أبا محمد عبد الرحمن بن شجانة الحراني يقول لي عند وصولي الى حران في العشر الوسط من شوال سنة أربع وعشرين وستمائة: كان الشيخ حماد بن صديق من عمال الله والمنقطعين إليه، ولم يكن في زماننا أكثر اجتهادا ولا أشد صبرا على البلاء مع قلة الشكوى منه، كان قد تفتح جسمه كله ومات وهو صائم بحران في العشر الأول منه في سنة أربع وعشرين وستمائة.
قلت وكان ذلك قبل وصولي بأيام فأسفت على عدم لقائه والتبرك بزيارته.
قرأت في تاريخ حران جمع أبي المحاسن بن سلامة الحراني، سيره لي هدية الخطيب الفاضل عبد الغني بن شيخنا أبي عبد الله محمد بن تيمية، وذكر أنه نقله بخطه من خطه قال: فيه: وفي سنة أربع وعشرين وستمائة في ليلة السبت خامس شوال مات الشيخ الزاهد الناسك المبتلي الراضي الصابر أبو الثناء حماد بن الشيخ (٢٦٣ - و) أحمد بن محمد بن بركة بن صديق النجار الحراني بعد مرض طويل تفتح فيه بدنه مدة اثنتي عشرة سنة، وهو مقيم على ذكر الله وطاعته وشكره صابرا محتسبا ذلك في ثواب الله ومرضاته، وكان قد لقي الشيخ حياة بن قيس وعاهد ولده عمر، وأقام بزاوية في مسجد لله يعرف ببيت الزجاج معلق داخل باب من يزيد، مدة من السنين منقطعا الى عبادة الله سبحانه وتعالى، وترك المعاش، وقد كان نجارا