بمصر لسبع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وكان قد سمع الحديث من الفضل بن سليمان بن البانياسي بدمشق، وأجاز له جماعة من الشيوخ:
أبو محمد بن بري، وأبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن علي الحراني، وأبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي ولا أعلم أنه حدث بشيء، وتوفي بقلعة البيرة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، واستولى ابن أخيه الملك العزيز محمد ابن غازي صاحب حلب على ما كان بيده من المعاقل والحصون، وخرج إلى البيرة بنفسه ورتب فيها الولاة من قبله.
- داوود بن المغربي القرشي:
الملقب بالصفي، شاعر مجيد، دخل حلب وامتدح بها الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وسمعت بعض من لقيه يثني عليه كثيرا، ويصفه بالخير والصلاح وحسن العبادة، وخرج عن حلب وأقام بحماة.
وروى لنا عنه شيئا من شعره أبو القاسم عبد الله (٣٠١ - ظ) بن رواحة وأبو حامد أحمد بن المفضل بن رواحة الأنصاريان الحمويان، وقرأت بخط يحيى بن أبي طي الحلبي أنه ورد حلب سنة خمس وتسعين وخمسمائة واتصل بخدمة أبي الفتح بن الملك الناصر صلاح الدين وامتدحه بقصيدة أولها:
ألحظك أم ما تطبع الهنديا هند.
أنشدنا هذه الأبيات شيخنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال:
أنشدني داوود بن المغربي القرشي لنفسه:
ألحظك أم ما تطبع الهند يا هند … وقدك أم غصن من البان أم رند
ووجهك أم بدر من النقص آمن … وشعرك أم قطع من الليل ممتد
وريقك أم صرف من الراح قرقف (١) … وخدك أم ورد وثغرك أم عقد
وجسمك أم ماء من المزن جامد … ولفظك أم سحر وقلبك أم صلد
ورياك أم نشر من المسك عابق … تكسب منه المندل الطيّب والنّد
(١) -القرقف: الخمر يرعد عنها صاحبها. القاموس.