وهي قلعة عظيمة حصينة مانعة، ولها ربض كبير يسكنه جماعة من المسلمين والأرمن، وبلدها بلد حسن كثير الخيرات، وبها قاض ومنبر وخطيب وحولها أنهار وبساتين كثيرة، وهي على تخم بلاد الروم الإسلامية (١٢٠ - ظ) وهي من جملة ما انتزعه نور الدين محمود بن زنكي من البلاد الشامية من يد قليج أرسلان للسبب الذي ذكرناه وكان ذلك في سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
ولما توفي الملك الظاهر غازي رحمه الله خرج ملك الروم كيكاوس بن كيخسرو بن قليج أرسلان، فقصد بلاد الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر فافتتح منبج ورعبان والمرزبان، وكان قد نزل إليه الطنبغا الظاهري، وكان ببهسنى، فعصى على الملك العزيز وانضوى إلى كيكاوس وصار في عسكره، وفتح تل باشر من يد ولد دلدرم، فاستدعى أتابك طغرل الملك الأشرف موسى بن الملك العادل في سنة خمس وعشرة وستمائة، فوصل إلى حلب ودفع كيكاوس عنها على ما نذكره فيما يأتي من ترجمتهما إن شاء الله.
وعاد الطنبغا مع كيكاوس فطلب منه تسليم بهسنى فامتنع من ذلك، فأحضر تحت القلعة وعذّب بأنواع العذاب، فأمر الولاة بها بالتسليم إليه، فلم يفعلوا، فمات تحت العقوبة، ورحل كيكاوس عنها وكان بها والدة الملك الصالح أحمد بن الملك الظاهر، وهي زوج الطنبغا وأولادها منه، فاتفق الأمر معها ومع ولاة بهسنى على أن عوضهم أتابك طغرل بقلعة عزاز ومواضع من بلدها، وتسلم منهم بهسنى للملك العزيز رحمه الله.