للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو عمرو الضّبابي:

كان من العباد الغزاة، وصحب الصوفية وتأدب بأخلاقهم وصحب محمد بن الخضر التيمي، وغزا معه، ومات في غزاته تلك، حكى عنه محمد بن الخضر التيمي.

أخبرنا أبو نصر عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الزبيدي ببغداد قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبريّ قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بمصر قال: أخبرنا أبو صالح السمر قندي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم بن اليسع بالقرافة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن عبد الله الصوفي قال: قال أبو حمزة محمد بن ابراهيم الصوفي: حدثني الصلت بن بهرام المجاشعي قال: حدثني محمد بن (١٤٤ - و) الخضر التيمي قال: كان أبو عمرو الضبابي من أحسن من رأيته وجها ممن صحب الصوفية، وكان لا يرافق أحدا ولا يجالسه ولا يؤانسه إلا في طريق، فأتاني ذات يوم، ونحن ببلاد الروم، فقال: هل لك في مرافقتي فإني قد مللت الوحدة، وطالت عليّ الوحشة؟ فقلت: على خلال ثلاث، قال: وما هي؟ قلت: على أن لا أراك ضاحكا الى أحد من خلق الله، ولا مشتغلا بغير طاعة الله عز وجل ولا تعمل عملا حتى أقول لك، قال: قد فعلت، وكان معي لا يفارقني في حج ولا غزو، فكنت أرى منه أمورا أعلم أن الله سيرفعه بها في الدنيا والآخرة من حسن صلاته، وكثرة صيامه، وطول صمته، وقلة كلامه، فقلت له ذات يوم لأتبيّن معرفة عقله: ألا أشتري لك جارية، فقال: وما أصنع بها؟ قلت: ما يصنع الرجل بملك يمينه، فقال: لو أردت هذا لم أترك أهلي وأشخص عن وطني، وأخرج عن دنياي، ولكان لي منهم مقنع، وفي المقام معهم متسع، فقلت: ألق هذا الصوف عنك فإنه قد أثر ببدنك، وأنهك جسمك، فقال: أتأمرني أن ألقي عني ثوبا أتقرب الى الله عز وجل بخشونته وبفساعة ريحه (١)، وأنا أرجو منه حسن الثواب عليه عند منقلبي اليه! قلت: فهل لك أن تفطر فإن الصيام قد أنحلك والظمأ قد غيرك؟ فقال: سبحان


(١) لعله قصد فظاعة ريحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>