ولا تجمعي هجرا وبينا فلم أكن … لأقوى على بين الأحبة والهجر
رأت شيب رأسي الغانيات فعفنني … وكنت أرى ما بين سحر إلى نحر
مضت لي أيام الشباب حميدة … ولم يبق من عصر الشباب سوى الذكر
وأقبل عصر الشيب بالكره مؤذنا … بتصريم أيام بقين من العمر (١٠٩ - و)
كأن شبابي كان ليلة وصلها … فلم تدج حتى روعت بسنا الفجر
كأن سواد الشعر سود مطالبي … يبيضها غاز بأفعاله الغر
أنشدنا أبو القاسم ابن الجبراني لنفسه من قصيدة:
ملك إذا ما اسلم شتت ماله … رد الهياج عليه ما قد فرقا
وأكفه تكف الندى فبنانه … لو لامس الصخر الأصم لأورقا
قال لي أبو القاسم أحمد بن هبة الله النحوي: عمل أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان في لزوم مالا يلزم في النون الساكنة مع الباء والذال وواو الردف وأول السريع:
كل واشرب الناس على خبرة … فهم يمرون ولا يعذبون
ولا تصدقهم إذا حدثوا … فإنني أعهدهم يكذبون
وإن أروك الود عن حاجة … ففي حبال لهم يجذبون (١)
قال: وقيل لا يقدر شاعر أن يأتي ببيت رابع لهذه الأبيات الثلاثة، فزاد فيها ابن منير أبو الحسين بيتا رابعا وهو قوله:
قزم إذا سيلوا وإن أطعموا … رأيتهم من طمع يهذبون
يعني يسرعون، قال لي أبو القاسم: فزدت أنا بيتا خامسا وهو قولي:
ليس يرجى خيرهم آمل يوما … ولا عن لاجئ يشذبون
يعني يذبون.
قلت فزدت أنا بيتا سادسا وهو قولي:
لا يصدفون النفس عن شرها … كلا ولا عن سوءة يعذبون
أي يمنعون.
(١) -لزوم مالا يلزم:٣/ ١٦٤٤.