للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعمي سقى الله الحجاز وأهله … عشية يستسقي بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغب … إليه فما إن رام حتى أتى المطر

ومنا رسول الله فينا تراثه … فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر (١)

قرأت بخط‍ أبي علي المحسن بن علي التنوخي، وأنبأنا به أبو جعفر أحمد بن الأزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي القاسم علي بن أبي علي عنه. قال: وأخبرني-يعني-أبا الحسين عبد الله بن سلمان البصير باسناد ذكر أنه غاب عنه (١١٧ - ظ‍) أن البلاذري كان ينفق دائما ولا يجتدي، ولا يحترف، فقيل له في ذلك؟ فقال: دخلت مع الشعراء يوما إلى المستعين، فقال لنا: من كان قد قال فيّ مثل قول البحتري في عمي المتوكل.

ولو أن مشتاقا تكلف فوق ما … في وسعه لمشى إليك المنبر (٢)

وإلا فلا ينشدني شيئا، قال: فقلنا ما فينا من قال فيك مثل هذا، وانصرفنا، فلما كان بعد أيام عدت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين قد قلت فيك أحسن مما قال البحتري في عمك، فقال: إن كان كذلك أسنيت جائزتك، فهات، فقال:

ولو أن برد المصطفى إذ حويته … يظن لظن البرد أنك صاحبه

وقال وقد أعطيته فلبسته: … نعم هذه أعطافه ومناكبه

فقال: أحسنت، انصرف إلى منزلك، وانتظر رسولي، ففعلت، فجاءني رسوله برقعة بخطه فيها: قد أنفذت إليك سبعة آلاف دينار، وأنا أعلم أنك ستجفى بعدي، وتطرح وتجتدي فلا يجدى عليك، فاحفظ‍ هذه الدنانير عندك، فإذا بلغت بك الحال إلى هذا فأنفق منها، ولا تتعرض لأحد ليبقى ماء وجهك عليك، ولك علي أن لا تحتاج ما عشت إلى شيء من أمر دنياك كبير ولا صغير على حسب حكمك وشهوتك.

قال: ثم أجرى لي الجرايات والأرزاق السنية، وتابع جوائزه، فما احتجت منذ ذلك وإلى الآن إلى غير جوائزه والسبعة الآلاف، فأنا أنفق من جميع ذلك، ولا أخلق نفسي بالتعرض (١١٨ - و) وأترحم عليه.


(١) - أنساب الأشراف-القسم الثالث (العباس بن عبد المطلب وولده) ط‍. بيروت ٧:١٩٧٨ - ٨.
(٢) -ديوانه:١/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>