شهور سنة ستمائة، لأبي عبد الله بن شرف الشاعر وقد شكرت مخدومه، وأثنيت عليه بكثرة حوائج الناس اليه، هذين البيتين:
لملتمسي الحاجات جمع ببابه … فهذا له فن وهذا له فن
فللخامل العليا وللمعدم الغنى … وللمذنب الرحمن وللخائف الأمن
قال القوصي: وأنشدني رحمه الله، وقد حرضته على فعل الخير، متمثلا
(١٣١ - ظ)
للخير أهل ما تزال … وجوههم تدعو إليه
طوبى لمن جرت الأمور … الصالحات على يديه
قال: وحرضته يوما على الاحسان وبذل الجاه للاخوان فأنشدني هذين البيتين
فأحسن إلى الاخوان تملك رقابهم … فخير تجارات الكريم اكتسابها
وأدّ زكاة الجاه واعلم بأنها … كمثل زكاة المال تم نصابها
قال لنا أبو المحامد القوصي: هذا الأمير ناصر الدين رحمه الله كان عارفا بأحوال الملك، ناصحا لسلطانه، ثم وشى به أعداؤه حسدا على علو شأنه، فنكبه سلطانه نكبة استأصل فيها شأفته وشأفة أتباعه، وقبض على جميع أمواله وحواصله ورباعه، وتوفي محبوسا.
أخبرني القاضي أبو علي الحسن بن محمد القيلوي قال: أخبرني بعض أهل سنجار أن ناصر الدين ابن المجاهد كتب على حائط المكان الذي مات فيه في محبسه بخطه:
حالى عجب وفي حديثي عبر … في أغفل ما كنت أتاني القدر
أخبرني جماعة من أهل سنجار أن أحمد بن يرنقش مات في حبس قطب الدين صاحب سنجار بعد أن قبض على جميع ماله ومنعه من الطعام والشراب، فبلغ من من أمره أن أكل قلنسوته وأكمامه لشدة الجوع.