عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ووقع أحمد بن يوسف الكاتب عن المأمون الى عامل: أنا لك حامد فاستدم حسن ما أنت عليه يدم لك أحسن ما عندي، وأعلم أن كل شيء لم يزد فيه الى نقص، والنقصان وان قل ممحق للكثير، كما تنمي الزيادة على القليل.
قرأت في كتاب الوزراء والكتاب لأبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال: أحمد بن يوسف بن صبيح، اختص بالمأمون، وكان نبيلا بليغا، وقلده ديوان المشرق وبريد خراسان، وكان ديوان الرسائل الى عمرو بن مسعدة، وكان المأمون لعلمه بتقدم أحمد في البلاغة اذا احتاج الى كتاب يشهر، أمر أحمد بن يوسف أن يكتبه، فأمر المأمون أحمد بن يوسف بكتاب عنه الى جميع الأمصار باقامة زيت المصابيح في جميع المساجد والاستكثار منها، قال: فلم أدر ما أقول، ولم يكن أحد سبق من الكتاب في ذلك فأسلك طريقته، فنمت في وقت القائلة وأنا مشغول القلب فرأيت قائلا يقول لي: اكتب «فإن في ذلك أنسا للسابلة، واضاءة للمتهجدة، ومنعا لمكامن الريب، وتنزيها لبيوت الله عز وجل ومن وحشة الظلم».
قال الجهشياري: ثم قلده المأمون ديوان الرسائل، فلم يزل عليه الى أن سخط عليه فمات في سخطه، وكانت وفاته في سنة أربع عشرة ومائتين.
قال: وكان سبب سخط المأمون على أحمد بن يوسف أنه جلس يوما وبحضرته أصحابه، فقال: نجلس غدا مجلسا فلا يكون (١٥٢ - ظ) عندنا من نتحشمه، ثم أقبل على أحمد بن يوسف فقال: كن المختار لنا من يجالسنا وأنت معنا، قال أحمد:
أنا وأبو سمير؟ قال: نعم، قال أحمد: قلنا على أمير المؤمنين أن لا يجلس معنا غيرنا، قال: نعم.
وبكروا وحجب الناس، واستأذن الحسن بن سهل، فأمر بالدخول، وكان اصطنع أحمد، فقال: يا أمير المؤمنين هذا خلاف ما ضمنت، قال: فأبو محمد يحجب؟! فدخل وعليه سواده، فقال: يا أبا محمد هذا مجلس اقتضيناه على غير موعد، لولا ذلك لبعثت اليك، فأقم عندنا، فقال: يا أمير المؤمنين تمم الله لك السرور، عبدك يجد شيئا يمنعه من خدمته، فان رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي،