للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النسبة، وكان أحد الأمراء الأصفهسلارية (١) فعظم شأنه، واستفحل أمره، وقويت هيبته، وانتشر ذكره، ومكنه القائم (٢) من البلاد، وكثر منه العبث والفساد، وآل أمره الى العصيان على القائم، ونهب بغداد وكان رأس الاتراك بها، فخرج عليه، وهون أمره بكل ما وصلت قدرته اليه، حتى كان يأخذ الجاني من حرم الخليفة، ولا يلحقه في سوء فعله نظر في عاقبة ولا خيفة.

وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن جعفر بن المهذب المعري (٣) انه كان إذا وصلت هدية من خراسان وغيرها من البلاد اعتقلها شهرا قبل أن يطلقها له بسؤال، وأشياء كثيرة تجري هذا المجرى في حق الخليفة فعلها، فلما زاد الامر على الخليفة بعث الى طغر لبك (٤) ملك التركمان والغزّ، أبو طالب محمد بن ميكال، (١٩٦ - ظ‍) وكان مقيما بالري (٥) وقد ملك من جيجون الى بغداد، وأذل الملوك من أولاد محمود (٦) والترك وغيرهم، فوصله الرسول من الخليفة يأمره بأن يصل الى بغداد ليستنجد به على البساسيري أبي منصور، فأقبل اليه طغر لبك في مائة ألف وعشرين ألف من الترك والغزّ، والأعاجم، والكرد، والديلم، وغيرهم من الاجناس، فوصل بغداد وهجمها، وقتل منها خلقا عظيما، ونهبها، وذلك أنهم قاتلوه، وانهزم البساسيري منه فحصل في أرض الرحبة، ولقيه معز الدولة-يعني ثمال بن صالح- وأكرمه (٧)، وحمل إليه مالا عظيما، وكان قد وصل في قلة، فحدث من شاهده


(١) -أي القادة.
(٢) -الخليفة القائم (٤٢٢ - ٤٦٧ هـ‍ /١٠٣١ - ١٠٧٥ م) وهو الذي عاصر زوال الحكم البويهي وقيام السلطنة السلجوقية.
(٣) -لم أعثر له على ترجمة، انما كان ممن أخذ العلم عن أبي العلاء المعري، فهو من رجال القرن الخامس هـ‍ /الحادي عشر م، ويبدو أن اسم كتابه كان «البداية والنهاية». انظر تعريف القدماء بأبي العلاء:٥١٧.
(٤) -لمزيد من التفاصيل وعرض لمختلف وجهات النظر أنظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:٩٦ - ١٠٠.
(٥) -قرب مدينة طهران الحالية.
(٦) -محمود الغزنوي المؤسس الفعلي للدولة الغزنوية. انظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:٣٤ - ٦٤.
(٧) -كان ثمال بن صالح أميرا على حلب يدين بالطاعة للخلافة الفاطمية، وقد تعاون البسايري مع الفاطميين للقضاء على الخلافة العباسية. انظر كتابي مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية:٩٧ - ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>