للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين يديه دفعات، وخرج الخليفة معه من الدار راكبا، وبين يديه راية سوداء، وعلى الخليفة قباء أسود وسيف ومنطقة، وعلى رأسه عمامة تحتها قلنسوة، والأتراك في أعراضه وبين يديه، وضرب قريش للخليفة خيمة ازاء بيته بالجانب الشرقي، فدخلها الخليفة، وأحدق بها خدمة.

وما شى البساسيري وزير الخليفة أبا القاسم بن المسلمة ويد البساسيري قابضه على كم الوزير، وقبض على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني وجماعة معه (٢٠٠ - و) وحملوا الى الحريم الطاهري (١) وقيد الوزير وقاضي القضاة.

فلما كان يوم الجمعة الرابع من ذي الحجة لم يخطب بجامع الخليفة، وخطب في سائر الجوامع لصاحب مصر، وفي هذا اليوم انقطعت دعوة الخليفة من بغداد، ولما كان يوم الاربعاء تاسع ذي الحجة، وهو يوم عرفه، أخرج الخليفة من الموضع الذي كان به، وحمل الى الانبار ومنها الى حديثة عانة على الفرات، فحبس هناك، وكان صاحب الحديثة والمتولي خدمة الخليفة بنفسه هناك مهارش البدوي، وحكي عنه حسن الطريقة وجميل المعتقد.

فلما كان يوم الاثنين الثامن والعشرون من ذي الحجة شهر الوزير على جمل وطيف به في محالّ الجانب الغربي، ثم صلب حيا بباب خراسان إزاء الترب، وجعل في كلّوبان من الحديد وعلّق على جذع، فمات بعد صلاة العصر من هذا اليوم، وأطلق قاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني بمال قرر عليه، وخرجت من بغداد يوم النصف من صفر سنة احدى وخمسين.

فلم يزل الخليفة في محبسه بحديثة عانة الى أن ظفر طغرلبك بأخيه ابراهيم وقتله، ثم كاتب قريشا في اطلاق الخليفة وإعادته إلى داره، وذكر لنا أن البساسيري عزم على ذلك لما بلغه أن طغر لبك متوجه إلى العراق، واطلع البساسيري أبا منصور عبد الملك بن محمد بن يوسف على ذلك وجعله (٢٠٠ - ظ‍) السفير بينه وبين الخليفة فيه، وشرط‍ أن يضمن الخليفة للبساسيري صرف طغر لبك عن وجهه.


(١) -من قصور بغداد منسوب الى طاهر بن الحسين قائد المأمون ومؤسس الدولة الطاهرية في خراسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>