وقال لنا: جاء الخبر إلى عمي بأن في بعض نواحي شيزر أسدا ضاريا قد آذى الناس في طريقهم، فتقدم عمي إلى عسكره كلهم أن يركبوا بكرة الغد من ذلك اليوم الذي تقدم إليهم فيه للتأهب للقاء الأسد وقتله.
قال: فاستدعيت غلامي وأمرته بإسراج دابتي وأخذ رمحي معه، وركبت أنا والغلام في اليوم الذي أمر عمي بالتأهب له، وخرجت وغلامي معي حتى أتيت الموضع الذي فيه الأسد، فخرج الأسد وحمل علي فقاتلته وصرعته، ونزلت إليه فقطعت رأسه، وناولته الغلام، وأمرته بتسميطه معه على الدابة التي تحته، ودخلت شيزر وبت بها، فلما أصبح الصباح ركب عمي وعسكره، وخرجوا يطلبون الأسد، فوجدوا جثته مطروحة بلا رأس، فعجبوا من ذلك، وأنا ساكت لا أتكلم.
قال: وتحدث غلامي مع الغلمان بذلك فشاع بينهم حتى علم عمي به، فرجع ودخل شيزر، وصعدنا على العادة إلى قلعتها وبتنا تلك الليلة، فقام عمي نصف الليل (٢٠٨ - ظ) وطلبني، وأمر من أسرج له مركوبا، وأمرني بالركوب وقال:
أريد أن تجئ معي إلى موضع سماه خارج شيزر في شغل، فركبت معه حتى أبعدني عن شيزر، ثم قال لي: يا بن أخي شيزر لك فهبها لي، فو الله ما بقيت أقدر على مساكنتك، ولم يأخذني في هذه الليلة نوم من شدة فكري فيك، إذا كان فعلك مع الأسد هذا الفعل فايش يكون معي لو سوّلت لك نفسك أن تفتك بي؟ ومنذ رجعت إلى القلعة ليس لي فكر إلاّ فيك، ولم يأخذني نوم في ليلتي هذه ولا قرار إلى أن بادرت إلى إخراجك، فما أقدر أن أساكنك وأنت على هذه الصفة!
قال: فامتثلت أمره، وودعني، وعاد إلى شيزر؛ قال: فخرجت منها وأقمت في مكان سماه لنا شذ عني اسمه.
قلت: وإلى هذا أشار أسامة في قوله، وقد أسنّ وأرعشت يده، وكتب خطا مضطرب الحروف.
فاعجب لضعف يد عن حملها قلما … من بعد حطم القنا في لبّة الأسد (١)