للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا الحسن ابن الحسين النعالي قال: حدثنا أبو الفرج الاصبهاني قال: ذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله بن أبي سعد أن عبد الله بن سعيد بن زرارة حدثه عن محمد بن ابراهيم اليساري قال: لما قدم العتابي مدينة السلام على المأمون أذن له فدخل عليه وعنده اسحاق الموصلي، وكان العتابي شيخا جليلا نبيلا، فسلم فرد عليه وأدناه وقربه حتى قرب منه فقبل يده، ثم أمره بالجلوس، وأقبل عليه يسائله عن حاله وهو يجيبه بلسان طلق، فاستطرف المأمون ذلك منه، وأقبل عليه بالمداعبة والمزح، فظن الشيخ أنه استخف به فقال: يا أمير المؤمنين الإيناس قبل الإيساس، فاشتبه على المأمون قوله، فنظر الى اسحاق مستفهما فأومى اليه بعينه وغمزه على معناه حتى فهمه، ثم قال: نعم يا غلام ألف دينار، فأتي بذلك فوضعه بين يدي العتابي، وأخذوا في الحديث، ثم غمز المأمون اسحاق بن ابراهيم عليه، فجعل العتابي لا (٢٥٠ - ظ‍) يأخذ في شيء إلاّ عارضه فيه اسحاق، فبقي العتابي متعجبا ثم قال:

يا أمير المؤمنين أتأذن لي في مسألة هذا الشيخ عن اسمه؟ قال: نعم سله، فقال لاسحق: يا شيخ من أنت، وما اسمك؟ قال: أنا من الناس واسمي كل بصل، فتبسم العتابي ثم قال: أما النسب فمعروف، وأما الاسم فمنكر، فقال له اسحاق ما أقل إنصافك، أتنكر أن يكون اسمي كل بصل واسمك كلثوم، وما كلثوم من من الأسماء، أوليس البصل أطيب من الثوم؟! فقال له العتابي: لله درك ما أحجك أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما وصلتني به؟ فقال له المأمون: بل ذلك موفر عليك ونأمر له بمثله، فقال له اسحاق: أما اذ أقررت بهده فتوهمني تجدني، فقال له: ما أظنك إلاّ اسحاق الموصلي الذي يتناهى اليه خبره، قال: أنا حيث ظننت، فأقبل عليه بالتحية والسلام، فقال المأمون-وقد طال الحديث بينهما-أما اذا اتفقتما على المودة فانصرفا، فانصرف العتابي الى منزل اسحاق فأقام عنده (١).

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد في كتابه عن أبي القاسم الشحامي عن أبي


(١) -العتابي هو كلثوم بن عمرو العتابي، كان شاعرا خطيبا بليغا مجيدا، والخبر في ترجمته في تاريخ بغداد:١٢/ ٤٨٩ - ٤٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>