قال أبو السمراء: وأنا واسحاق بن إبراهيم الرافقي، واسحاق بن أبي ربعي ونحن نساير الأمير، وكنا يومئذ أفره من الأمير دوابا، وأجود منه كسا.
قال: فجعل الأعرابي ينظر في وجوهنا، قال: فقلت: يا شيخ قد ألححت في النظر أعرفت منا أمرا أنكرته؟ قال: والله ما عرفتكم قبل يومي هذا، ولا أنكرتكم لسوء أراه بكم، ولكني رجل حسن الفراسة في الناس، جيد المعرفة بهم.
قال: فأشرت له الى اسحاق بن أبي ربعي فقلت: ما تقول في هذا؟ فقال:
أرى كاتبا زهو الكتابة بين … عليه وتأديب العراق منير
له حركات قد تشاهدن أنه … عليم بتقسيط الخراج بصير
قال: ونظر الى اسحاق بن إبراهيم الرافقي فقال: (٢٦٣ - و)
ومظهر نسك ما عليه ضميره … يحب الهدايا بالرجال مكور
أخال به جبنا وبخلا وشيمة … تخبر عنه إنه لوزير
ثم نظر إلي وأنشأ يقول:
وهذا نديم للأمير ومؤنس … يكون له بالقرب منه سرور
إخالك للأشعار والعلم راويا … فبعض نديم مرة وسمير
ثم نظر الى الأمير فأنشأ يقول:
وهذا الأمير المرتجى سيب كفه … فما أن له فيمن رأيت نظير
عليه رداء من جمال وهيبة … ووجه بإدراك النجاح بشير
لقد عصم الاسلام منه بذي يد … بها عاش معروف وغاب نكير
ألا إنما عبد الإله بن طاهر … لنا والد بر بنا وأمير
قال: فوقع ذلك من عبد الله أحسن موقع، وأعجبه ما قال الشيخ، فأمر له بخمسمائة دينار، وأمره أن يصحبه (١).
(١) - تاريخ الطبري:٨/ ٦١١ - ٦١٢.