علم النجوم والطب والفلسفة والحراثة الى بلدان المغرب، بعد أن حولها الى اليونانية والقبطية، فلما هلك الاسكندر وحصلت البلاد في أيدي الطوائف، رفعوا الحرب والتجاذب عما بينهم، فكان الواحد منهم انما يغلب الاخر بالمسائل العويصة، ففي أيامهم وضعت الكتب التي هي في أيدي الناس مثل: كتاب مروك، وكتاب سندباد، وكتاب برسنيفاس، وكتاب شنماس وما أشبهها من الكتب التي بلغ عددها قريبا من سبعين كتابا.
فبقوا على هذا المنهاج الى أن ملك منهم نيف وعشرون نفرا، خرج في عدادهم من سمت به همته الى الغزو، وكان عدد أولئك الطوائف تسعين ملكا، فكانوا كلهم يعظمون من يملك العراق، وينزل طيسفون، وهي المدائن، وكان اذا كاتبهم يبدأ بنفسه (١).
وقال حمزة الاصبهاني: قرأت في كتاب مصنف في أخبار اليونانيين قد نسب نقله الى (٥١ - و) حبيب بن بهريز مطران الموصل أن اليونانيين كانوا يؤرخون في القديم من وقت خروج يونان بن تورس عن أرض بابل الى جانب المغرب فبقوا على هذا التاريخ الى أن ظهر الاسكندر وغلب الملوك، فذهبت يونان وصاروا حشوة في الروم، وكان سبب ظهور الاسكندر على الملوك أنه لما مضى من مولده ست سنين خرج من بلده وركب البحر وفتح الجزائر الى أن بلغ أرض أفرنجة في أقصى المغرب، ثم رجع من وجهته تلك على طريق افريقية منحطا على أرض مصر، ومنها على أرض الشام، فقدر أنه لم يعمل عملا، وسمت به همته الى جانب المشرق، وطمع في الظفر بمملكة الفرس، فلما قرب منها اتفق له قتل ملكها بوثوب بعض حماة ظهره عليه، فاستولى على مملكة الفرس ثم تجرأ منها على قصد ما وراءها من أرض الهند، وأقاصي المشرق، فظفر بالمواضع التي صار اليها ثم رجع منها عائدا الى مدينة بابل العتيقة على أن يعيدها الى العمارة بعد ما خربها، وكانت في زمان عمرانها منزل ملوك الكلدانيين فلما قرب منها مات بسم سقوه اياه وله اثنتان وثلاثون سنة فحسب،
(١) - تاريخ سني ملوك الارض والانبياء عليهم السلام لحمزة الاصفهاني:٣٨ - ٤٠.