المؤمنين الرشيد في المرج الذي في سفح الجبل الذي يقطع منه الى أرض الروم، وكان بناؤها اياها سنة سبعين ومائة، في أول خلافته على يد أبي سليم فرج التركي الخادم، وبها نهر جار يأتي من جبل الروم، حتى يشق في وسطها، وأهلها أخلاط من الناس من سائر الآفاق.
وقال اسحاق بن الحسن بن أبي الحسن الزيات الفيلسوف في كتاب نزهة النفوس وأنس الجليس: مدينة طرسوس وهي من الاقليم الرابع، وبعدها من خط المغرب ثمانون درجة، وبعدها من خط الاستواء ست وثلاثون درجة، بناها الرشيد سنة سبعين ومائة، وبها نهر جار يأتي من بلاد الروم (٦٠ - ظ) يشق وسطها، وأهلها أخلاط من الناس.
وقرأت في كتاب المسالك والممالك الذي وضعه الحسن بن أحمد المهلبي للعزيز المستولي على مصر: فأما مدينة طرسوس فهي من الاقليم الخامس، وعرضها ست وثلاثون درجة.
وارتفاع الثغور بجميع جباياتها ووجوه الأموال بها مائة ألف دينار على أوسط الارتفاع، تنفق في المراقب والحرس والقوائين والركاضة والموكلين بالدروب والمخاض، وغير ذلك مما جانسه، وكانت تحتاج بعد ذلك لشحنتها من الجند وما يقوم للمماليك وراتب تعاريفها للصوائف والشواتي في البر والبحر وعمارة الصناعة على الاقتصاد الى مائة وخمسين ألف دينار، وعلى التوسعة الى ثلاثمائة ألف دينار.
فأما ما يلقاها من بلاد العدو ويتصل بها فانها من جهة البر وما يسامت الثغور الجزرية تواجه بلاد الفنادق من بلد الروم، وبعض الناطليق، ومن جهة البحر بلاد سلوقية.
وكانت عواصم هذه الثغور من ناحية الشام أنطاكية وبلاد الجومة وقورس.