للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ميمون النرسي الكوفي قال: أخبرنا أبو الحسن مشرق بن عبد الله الحنفي الزاهد بحلب قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي قال: حدثنا عبد الله بن الحسين الصابوني قال: حدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا (٧٩ - و) معاوية-يعني ابن سلام-عن زيد بن سلام أن أبا سلام حدثه قال: حدثني الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم حدثهم «أن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن، قال: فكان يبطئ بهن، فقال له عيسى: إنك أمرت بخمس كلمات تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل يعملوا بهن فإما أن تأمرهم بهن وإما أن أقوم فآمرهم بهن، فقال يحيى: انك إن تسبقني بهن أخاف أن أعذب، أو يخيف بي، فجمع بني اسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وحتى جلس الناس على الشرفات، فوعظ‍ الناس ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن: إن أولهن أن لا تشركوا بالله شيئا، فإن من أشرك بالله مثله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق (١) ثم قال له: هذه داري وعملي فاعمل وأد إليّ عملك، فجعل يعمل ويؤدي عمله الى غير سيده، فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك يؤدي عمله لغير سيده، وإن الله هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا به شيئا، ثم قال: إن الله أمركم بالصلاة، فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلي له، فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو ينصرف؛ وأمركم بالصيام فإن مثل الصائم كمثل رجل معه صرة مسك وهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره فكلهم يشتهي يجد ريحها، فإن فم (٧٩ - ظ‍) الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؛ وأمركم بالصدقة فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروا يده الى عنقه، وقدموه ليضربوا عنقه فقال: لا تقتلوني فإني أفتدي منكم نفسي بكذا وكذا من المال، فأرسلوه فجعل يجمع لهم حتى فدا نفسه، وكذلك الصدقة؛ وأمركم بكثرة ذكر الله فإن مثل ذكر الله كمثل رجل طلبه العدو فانطلقوا في طلبه حتى أتى حصنا حصينا وأحرز نفسه، كذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد


(١) -الورق: الفضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>