للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: لست أذكر حاجتي أو تضمنين لي قضاءها (١٥٨ - و) قالت: أنا أمتك وأمرك في نافذ إلا أبا العتاهية فإني حلفت لأبيك رضي الله عنه بأيمان لاتحد كفارتها بالمضي الى مكة حافية، كلما قضيت حجة وجبت حجة أخرى، وكلما أفدت شيئا تصدقت به، وبكت بين يديه، فرحمها ورقّ لها، وانصرف عنها، وغدا عليه أبو العتاهية لا يشك في الظفر، فقال له: ما قصرت في أمرك، ومسرور وحسين ورشيد وغيرهم شهود لي، وشرح له الخبر.

قال أبو العتاهية: لما خبرني بذلك لم أدر أين أنا، ثم قلت: الآن يئست منها إذ ردّتك، وعلمت أنها لا تجيب أحدا بعدك، فلبس الصوف وقال:

قطعت منك حبائل الآمال … وخططت عن ظهر المطيّ رحالي

ووجدت برد اليأس بين جوانحي … فغنيت عن حل وعن ترحال (١)

وذكر أبو عبيد الله المرزباني في كتاب المستنير، وقرأته فيه في أخبار أبي العتاهية، وأخبرنا به إجازة أحمد بن الأزهر بن السباك قال: أنبأنا أبو بكر محمد ابن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عنه قال: حدثني محمد بن أحمد الكاتب، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا الزبير بن بكار قال:

حدثني ثابت بن الزبير بن حبيب قال: أخبرني ابن أخت أبي خالد الحراني قال:

قال لي هرون الرشيد: احبس أبا العتاهية حتى يقول شعرا رقيقا، وأمرني بالتضييق عليه، قال: فأخذته فحبسته في بيت خمسة أشبار في خمسة أشبار، فصاح الموت، أخرجوني أنا أقول لكم ما شئتم، قال: فقلت له: فقل، فقال: أخرجني حتى أتنفس فأخرجته وأعطيته قرطاسا ودواة فكتب فيه: (١٥٨ - ظ‍).

من لعبد أذله مولاه … ما له شافع اليه سواه

يشتكي ما به اليه ويخشا … هـ ويرجوه مثلما يخشاه (٢)

قال: فجئت بها مسرورا، فأدخلها الى أمير المؤمنين، فتقدم الرشيد الى ابراهيم الموصلي فغنّى بها، ودعا به فقال: أنشدني:


(١) - مروج الذهب- ط‍. القاهرة ٣/ ٣٦٦:١٩٥٨ - ٣٦٨.
(٢) -ديوانه:٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>