شاذبخت الى مجلس آخر (١٨٨ - ظ) ولبس الحداد، وخرج إليهم وقال: يحسن الله عزاءكم في الملك العادل، فإن الله سبحانه نقله الى جنات النعيم، فأظهروا الحزن والكآبة والأسف والبكاء، واستقر الملك للملك الصالح.
وتوجه المؤيد ابن العميد، وعثمان زردك، وهمام الدين الى حلب يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من شوال لاثبات ما في خزائن حلب وختمها بخاتم الملك الصالح رحمه الله.
وكان شمس الدين علي بن محمد ابن داية نور الدين بقلعة حلب مع شاذبخت وكان قد حدث نفسه بأمور، واختلفت كلمة الأمراء، وتجهز الملك الناصر صلاح الدين من مصر للخروج الى الشام وطلب أن يكون هو الذي يتولى أمر الملك الصالح وتدبير ملكه وترتيبه، ووقعت الفتنة بين السنة والشيعة بحلب، ونهب الشيعة دار قطب الدين ابن العجمي، ودار بهاء الدين أبا يعلى بن أمين الدولة، ونزل أجناد القلعة من القلعة، وأمرهم ابن الداية أن يزحفوا الى دار أبي الفضل بن الخشاب، فزحفوا اليها ونهبوها، فاختفى ابن الخشاب.
واقتضى الحال أن الاتفاق وقع على وصول الملك الصالح من دمشق الى حلب فسار فوصل ظاهر حلب في اليوم الثاني من المحرم سنة سبعين وخمسمائة ومعه سابق الدين عثمان بن الداية، فخرج بدر الدين حسن للقائه، فقبض على سابق الدين، وصعد الملك الصالح الى القلعة، وظهر القاضي أبو الفضل بن الخشاب، وركب في جمع عظيم الى القلعة، وصعد إليها والحلبيون من أتباعه تحت القلعة، فقتل في القلعة (١٨٩ - و) وتفرق من كان تحت القلعة منهم وقبض على شمس الدين علي، وبدر الدين حسن ابني الداية، وأودعا السجن مع أخيهم سابق الدين.
ووصل الملك الناصر من مصر الى دمشق، فدخلها سلخ شهر ربيع الآخر وسار الى حمص وفتحها في جمادى الأولى، وسار الى حلب ونازلها يوم الجمعة سلخ جمادى الأولى، فنزل الملك الصالح الى المدينة وقال لأهلها: أنا ولدكم، وذكرهم بحقوق والده واستعان بهم على دفع الملك الناصر، فبكى الحلبيون ودعوا له، ووعدوه من أنفسهم بكل ما يؤثره وبلغ سيف الدين غازي بن مودود بن زنكي